للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحديث لسفيان بن عيينة، فقال: ذهبت إلى عمرو بن دينار فسألته عنه، فقال لي: اذهب إلى عثمان بن أبي سليمان فإنه يحدث به، فذهبت إلى عثمان فحدثني فيه بحديثين اختلط علي إسنادهما. قال سفيان: فسألت هشام بن عروة عن قطع السدر، فقال: هذه الأبواب من سدرة كانت لأبي، قطعها، فجعل منها هذه الأبواب".
ففي حديث ابن عيينة هذا بيان من عمرو بن دينار أنه عنده عن عثمان بن أبي سليمان، وليس عن عروة نفسه، وفي جواب عمرو بن دينار كذلك إيماء منه إلى عدم اعتباره له، وفيه كذلك أن ابن عيينة لم يعتمد روايتي عثمان بن أبي سليمان، ورأى سؤال بني عروة عنه -وهم من أخبر الناس بأبيهم-، فأجابه هشام بن عروة بما تقدم، وكأن ابن عيينة لا يرى أن لهذا الحديث أصلًا، وهذا ينفي ما ورد في "المنتخب من علل الخلال" (ص ٧٦)، (٢١) أن الإمام أحمد ذكر له تخصيص ابن عيينة للحديث بسدر الحرم، فقال: "لم يبلغه الحديث"، فقد بلغه، ولكنه لم يصح عنده. والله أعلم.
ولما تقدم من خلاف عروة لهذا المروي عنه، قال سفيان بن سعيد الثوري -فيما رواه الطحاوي (٧/ ٤٢٩) عنه بإسناد صحيح- وسئل عن قطع السدر، فقال: "قد سمعنا فيه بحديث لا ندري الذي جاء به عليه". قال الطحاوي (٧/ ٤٣٠): "ففي توهين سفيان إياه ما يسقط به مثله، مع أن سائر أهل العلم من فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتيا على إباحة قطعه، وفي ذلك ما قد دل على أن الأولى فيه إباحة قطعه لا المنع منه، والله ﷿ نسأله التوفيق".
وقال كذلك على فرض التسليم بصحة رواية المنع -وليس قبوله، كما زعم البعض-: "دل ما ذكرنا فيه عن هشام بن عروة عن أبيه: أن الحديثين الأولين إن كانا صحيحين فقد كان لحقهما نسخ عاد به ما كان فيهما من نهي إلى الإباحة؛ لأن عروة مع عدله وعلمه وجلالة منزلته في العلم لا يدع شيئًا قد ثبت عنده عن النبي إلى ضده إلا لما يوجب ذلك له، فثبت بما ذكرنا نسخ هذين الحديثين مع ما قد دخل الحديث الثاني منهما من خلاف ابن جريج .. ، وإيقافه على عروة … ، ولذا قد كان سفيان الثوري أيضًا ينكر هذا الحديث، ويأمر بالعمل بضده".
ومما تقدم من التخريجات يتبين أنه لا يصح عن عروة أصلًا، إذ إن رواية عمرو بن دينار قد كشف ابن عيينة عن عوارها، وأما الرواية عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس الثقفي عن عروة مرسلة؛ فلا أراها محفوظة كذلك، ولا تصريح للسماع بين رواة الحديث، وعمرو بن أوس الثقفي (ت بعد ٩٠ هـ)، وعروة (ت ٩٤ هـ على الصحيح، وقيل: بعدها)، فهما متقاربا الوفاة، ولعل عمرًا أقدمهما وفاة، فأين كان عمرو بن دينار وغيره من ثقات أصحاب عروة حتى يسألوه عما حدثهم عمرو بن أوس الثقفي عنه فيما يعم به البلوى؟! وفي حديث ابن عيينة تعليل لهذه الرواية وغيرها عن عمرو بن دينار. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>