للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه بالمحجة البيضاء، وكل ما يؤدي إليه الصدق، فكان عملهم هذا من مفاخر الإسلام.

وبعد ذلك يجول المؤلف جولة موفقة فيما يؤكد التوثيق، في شأن نقل السنة النبوية وتمحيص رواياتها، ثم بعد ذلك يخص السيرة النبوية بالحديث، فيتحدث عن مصادرها فيقول:

وأريد أن ألفت أنظاركم إلى المصادر التي أخذت عنها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، وكيف دونت تلك المصادر وجمعت، وأن أهم ما في سيرته صلى الله عليه وسلم وأوثقها وأكثرها صحة هو ما اقتبس من القرآن الحكيم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وهو الذي لم يشك في صحته العدو اللدود، فضلاً عن الحبيب الودود.

فالقرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر السيرة النبوية: والقرآن يقص علينا جميع مناحي السيرة النبوية وطرفاً من حياته صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، فيذكر لنا يتمه وفقره وتحنثه، كما يذكر لنا شئونه بعد النبوة من هبوط الوحي الإلهي عليه وتبليغه إياه والعروج به وعداوة الأعداء وهجرته وغزواته، وفي القرآن الكريم ذكر أخلاقه صلى الله عليه وسلم.

كل ذلك تراه مذكوراً في القرآن ببيان واضح وأسلوب متين رائق: ومن ذلك تعلمون أنه لم تطرق أذن التاريخ سيرة رجل بأحسن ولا أصح ولا أوثق من سيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

والمصدر الثاني من مصادر السيرة النبوية كتب الحديث: وهي كتب حفظت لنا من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله ما يبلغ مائة ألف حديث، وقد امتاز الصحيح منها عن الضعيف والموضوع، والقوي منها عن غير القوي.

ومن الكتب المصنفة في الحديث الكتب الستة التي محص العلماء كل ما ورد فيها، وذكروا شواهده ومتابعاته، حتى لم يتركوا في النفوس منزع ظفر لمحقق منصف، بل ولا لمدقق جائر، ويتلو الكتب الستة كتب المسانيد، وأعظمها مسند الإمام أحمد بن حنبل، في ستة مجلدات كبار، كل مجلد منها يحتوي على نحو خمسمائة صفحة من القطع الكبير بحروف دقيقة، وقد تضمن هذا المسند مرويات كل صحابي مجموعة ومذكورة على

<<  <  ج: ص:  >  >>