للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل: في تبليغ الجن]

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١)، فرسالته عليه الصلاة والسلام رحمة للخلق جميعهم، وهذه الرحمة مظهرها الأول أن المستجيبين لها مرحومون في الدنيا والآخرة، وبرحمتهم وبتطبيقهم لشريعة الله يرحم الخلق وترحم أنفسهم فتعطى طمأنينة قلب واستقامة سلوك، والمكلفون من الخلق هم من يملكون إدراكاً يستطيعون به فهم الخطاب، وهم مبتلون بالشر والخير ولهم إرادة يختارون بها طريق الخير من الشر وهذا ينطبق على الإنسان والجن.

ولقد حدث في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى أن تسمع الجن لقراءته عليه الصلاة والسلام، وقد قص القرآن علينا ذلك في سورتي الأحقاف والجن فكان ذلك نوع بلاغ، ولكن البلاغ المباشر المقصود تم كذلك، وإن كنا لا نستطيع تعيين الزمن الذي تم فيه هذا النوع من البلاغ بدقة، لكن الشيء الثابت أن سماع الجن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبليغهم المباشر قد حدث، وقد مر معنا فصل من قبل في حفظ أمر السماء، وههنا نذكر بعض الروايات بمناسبة أن كتاب السير ذكروا أنه قد حدث سماع الجن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رحلة الطائف.

قال الحافظ في الفتح:

تقدم في أوائل البعث في (باب ذكر الجن) أن ابن إسحاق وابن سعد ذكرا أن ذلك كان في ذي القعدة سنة عشر من البعث لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ثم رجع منها، ويؤيده قوله في هذا الحديث: (إن الجن رأوه يصلي بأصحابه صلاة الفجر) والصلاة المفروضة إنما شرعت ليلة الإسراء، والإسراء كان على الراجح قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث فتكون القصة بعد الإسراء، لكنه مشكل من جهة أخرى، لأن محصل ما في الصحيح كما تقدم في بدء الخلق وما ذكره ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى الطائف لم يكن معه من أصحابه إلا زيد بن حارثة، وهنا قال إنه انطلق في طائفة من أًحابه، فلعلها كانت


(١) الأنبياء: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>