من الإمارة والحالة هذه، فهو يزعم أنه أولى منه إذ كان الأمر كذلك.
أقول: ثم دخلت سنة أربعين وقد بقي الحبل فيها مضطربًا والإمام علي يحاول لملمة الأمر وكاد أن يصل إلى هدنة مع معاوية ثم استشهد رحمه الله في هذه السنة.
قال ابن كثير: قال جرير: وفي هذه السنة جرت بين علي ومعاوية المهادنة بعد مكاتبات يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما، وأن يكون ملك العراق لعلي ولمعاوية الشام، ولا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجبيش ولا غارة ولا عزوة. ثم ذكر عن زياد عن ابن إسحاق ما هذا مضمونه أن معاوية كتب إلى علي أما بعد فإن الأمة قد قتل بعضها بعضًا يعني فلك العراق ولي الشام، فأقر بذلك علي رضي الله عنه، وأمسك كل واحد منهما عن قتال الآخر، وبعث الجيوش إلى بلاده، واستقر الأمر على ذلك.
[ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب]
كان أمير المؤمنين رضي الله عنه قد تنغضت عليه الأمور، واضطرب عليه جيشه، وخالفه أهل العراق، ونكلوا عن القيام معه، واستفحل أمر أهل الشام، وصالوا وجالوا يمينًا وشمالاً، زاعمين أن الإمرة لمعاوية بمقتضى حكم الحكمين في خلعهما عليًا وتولية عمرو بن العاص معاوية عند خلو الإمرة عن أحد، وقد كان أهل الشام بعد التحكيم يسمون معاوية الأمير، وكلما ازداد أهل الشام قوة ضعف جأش أهل العراق، هذا وأميرهم علي بن أبي طالب خير أهل الأرض في ذلك الزمان، أعبدهم وأزهدهم، وأعلمهم وأخشاهم لله عز وجل، ومع هذا كله خذلوه وتخلوا عنه حتى كره الحياة وتمنى الموت، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن، فكان يكثر أن يقول: ما يحبس أشقاها؟ أي ما ينتظر؟ ماله لا يقتل؟ ثم يقول: والله لتخضبن هذه ويشير إلى لحيته من هذه ويشير إلى هامته.
[صفة مقتله رضي الله عنه]
ذكر ابن جرير وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس: أن ثلاثة من الخوارج وهم عبد الرحمن بن عمرو المعروف بابن ملجم الحميري ثم الكندي حليف بني حنيفة من كندة المصري، وكان أسمر حسن الوجه أبلح شعره مع شحمة أذنيه وفي وجهه أثر