للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢ - في الصلح: بنوده وحكمه]

قال في الرحيق المختوم ذاكراً بنود الصلح:

١ - الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرجع من عامه، فلا يدخل مكة، وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً، معهم سلاح الراكب، السيوف في القرب، ولا نتعرض لهم بأي نوع من أنواع التعرض.

٢ - وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض.

٣ - من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق.

٤ - من أتى محمداً من قريش من غير إذن وليه - أي هارباً منهم - رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد - أي هارباً منه - لم يرد عليه.

وقد علق صاحب الرحيق المختوم على هذه البنود وهذا بعض كلامه:

هذه هي هدنة الحديبية، ومن سبر أغوار بنودها مع خلفياتها لا يشك أنها فتح عظيم للمسلمين، فقريش لم تكن تعترف بالمسلمين أي اعتراف، بل كانت تهدف استئصال شأفتهم، وتنتظر أن تشهد يوماً ما نهايتهم، وكانت تحاول بأقصى قوتها الحيلولة بين الدعوة الإسلامية، وبين الناس، بصفتها ممثلة الزعامة الدينية والصدارة الدنيوية في جزيرة العرب، ومجرد الجنوح إلى الصلح اعتراف بقوة المسلمين، وأن قريشاً لا تقدر على مقاومتهم، ثم البند الثالث يدل بفحواه على أن قريشاً نسيت صدارتها الدنيوية وزعامتها الدينية، وأنها لا تهمها الآن إلا نفسها، أما سائر الناس وبقية جزيرة العرب فلو دخلت في الإسلام بأجمعها، فلا يهم ذلك قريشاً، ولا تتدخل في ذلك بأي نوع من أنواع التدخل. أليس هذا فشلاً ذريعاً بالنسبة إلى قريش؟ وفتحاً مبيناً بالنسبة إلى المسلمين؟، وقد كسب المسلمون لأجل هذه الحرية نجاحاً كبيراً في الدعوة، فبينما كان عدد المسلمين لا يزيد

<<  <  ج: ص:  >  >>