١ - يبدو لي أن غزوة أحد جمعت هزيمتين للطرفين بآن واحد واستمرت الهزيمتان إلى آخر الغزوة، فلقد هرب المشركون ابتداء، ثم وجد خالد الفرصة فهاجم وهرب بعض المسلمين، واستمر الهروب عند الطرفين فنحن لا نعثر بعد هجمة خالد على تجمع كبير للمسلمين، كما أننا لا نعثر على تجمع كبير للمشركين وإنما بقيت مجموعات في أرض المعركة، حتى إن خالداً نفسه وهو الذي أوقع الهزيمة بالمسلمين لا نسمع له حساً بعد ذلك فكأنه تصرف هذا التصرف الخاطف وهو في موقع اليائس، والذين بقوا على أرض المعركة لم يكونوا متكافئين، ومع ذلك فالإدارة الحازمة الحكيمة الرائعة للمعركة من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقفت المشركين عند حدهم واكتفوا بما حققوا، ولولا أنهم شعروا بالعجز أو أن خسائرهم ستكون أكثر من أرباحهم ما انسحبوا وهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجموعة قليلة من أصحابه حوله أمامهم، ولذلك فالمعركة في مجموعها كانت متعادلة من ناحية النصر والهزيمة وإن كانت ضحايا المسلمين أكثر لأن عدد العدو أكبر.
٢ - لا أعرف في تاريخ العالم ملحمة هي أعظم في البطولة والشجاعة والكفاءة العسكرية والقيادية كملحمة أحد، فأي قائد في تاريخ العالم يبقى في أفراد من جنده يتابع القتال ويدير المعركة حتى يكف العدو يده، ثم أي قائد يصاب بما أصيب به رسول الله صلى الله عليه وسلم يومذاك ويبقى على غاية من اليقظة في إدارة الأمور فيرسل من يستكشف له وجهة قريش، ويعلن عن تصميمه على المعركة إلى النهاية، ثم يغسل آثار هزيمة المشركين بعملية خاطفة هي عملية حمراء الأسد التي أرجعت إلى الصف الإسلامي روحه المعنوية وأعادت هيبة المسلمين إلى المجتمع الذي يعيشون فيه، وأعادت قريشاً إلى صوابها وقذفت في قلوب رجالها الرعب.
٣ - لقد تلافت قريش الكثير من نواقصها يوم بدر، فلقد كان ينقصها يوم بدر وحدة القيادة وجودة التعبئة والتصميم الشامل على القتال والدوافع القوية نحو النصر، أما في أحد فلقد توحدوا تحت إمرة أبي سفيان وكانت تعبئتهم جيدة، وكان لهم ثأر يحركهم ومصالح