وأمر الصديق كل أمير أن يسلك طريقاً غير طريق الآخر لما في ذلك من المصالح. وجعل الصديق رضي الله عنه يمدهم بالجيوش، وأمرهم أن يعاون بعضهم بعضاً وأن يكونوا جميعاً تحت إمرة أبي عبيدة، وخرج عمرو بن العاص حتى نزل العرما من أرض الشام. ونزل يزيدبن أبي سفيان البلقاء. ونزل شرحبيل بن حسنة بالأردن ونزل أبو عبيدة بالجابية.
[وقعة اليرموك]
لما توجهت جيوش المسلمين نحو الشام أفزع ذلك الروم، وخافوا خوفاً شديداً وكتبوا إلى هرقل يعلمونه بالأمر، فأمر هرقل بخروج الجيوش الرومية ليكون في مقابلة كل أمير من المسلمين جيش عرمرم جرّر، فكتب الأمراء إلى الصديق يعلمونه بما وقع من الأمر، فكتب إليهم أن يجتعوا ويكونوا جنداً واحداً للقاء جنود الروم، وكتب الصديق إلى خالد بن الويد أن يستنيب على العراقوأن يقفل بمن جاء معه إلى العراق من اليمامة والحجاز إلى الشام لمساعدة المسلمين وأن يكون الأمير عليهم، فاستناب خالد المثني بن حارثة على العراق وسار في تسعة آلاف وخمسمائة يجتاب البراري والقفار، ترفعه نجاد، وتحطه وهاد حتى وصل في خمسة أيام فخرج على الروم من ناحية تدمر، فصالحه أهلها، وخرج من شرقي دمشق، وسار حتى وصل إلى قناة بصرى فوجد الصحابة يحاربون أهلها، فصالحه صاحبها وسلمها لخالد فكانت أول مدينة فتحت من الشام.
وقد نزلت الروم في الواقوصة فيما بين دير أيوب واليرموك، ونزل المسلمون من وراء النهر من الجانب الآخر وأذرعات (درعاً) خلفهم ليصل إليهم المدد من المدينة، وتكامل جيش الروم أربعين ومائتي ألف، وتكامل جيش المسلمين ستة وثلاثين ألفاً إلى الأربعين، وكانت الروم تحت إمرة باهان وهو قائد أرمني عرف فيه هرقل الشجاعة والإقدام، ورتب