للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثم دخلت سنة ست عشرة]

استهلت هذه السنة وسعد بن أبي وقاص منازل مدينة نهر شير، وهي إحدى مدينتي كسرى مما يلي دجلة من الغرب، وكان قدوم سعد إليها في ذي الحجة من سنة خمس عشرة، واستهلت هذه السنة وهو نازل عندها. وقد بعث السرايا والخيول في كل وجه، فلم يجدوا واحداً من الجند، بل جمعوا من الفلاحين مائة ألف فحبسوا حتى كتب إلى عمر ما يفعل بهم، فكتب إليه عمر: إن من كان من الفلاحين لم يعن عليكم وهو مقيم ببلده فهو أمانه، ومن هرب فأدركتموه فشأنكم به. فأطلقهم سعد بعدما دعاهم إلى الإسلام فأبوا إلا الجزية. ولم يبق من غربي دجلة إلى أرض العرب أحد من الفلاحين إلا تحت الجزية والخراج.

قال الواقدي: وفي ربيع الأول من هذه السنة - أعني سنة ست عشرة - كتب عمر بن الخطاب التاريخ، وهو أول من كتبه. قلت: قد ذكرنا سببه في سيرة عمر، وذلك أنه رفع إلى عمر صك مكتوب لرجل على آخر بدين يحل عليه في شعبان، فقال: أي شعبان؟ أمن هذه السنة أم التي قبلها، أم التي بعدها؟ ثم جمع الناس فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون فيه حلول ديونهم. فيقال: إنهم أراد بعضهم ان يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك. ومنهم من قال: أرخوا بتاريخ الروم من زمان إسكندر فكرهوا ذلك، ولطوله أيضاً. وقال قائلون: أرخوا من مولد رسول الهل صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون من مبعثه عليه السلام، وأشار علي بن أبي طالب وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فنه أظهر من المولد والمبعث. فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرخوا من أول تلك السنة من مُحرمها.

[ثم دخلت سنة سبع عشرة]

في المحرم منها انتقل سعد بن أبي وقاص من المدائن إلى الكوفة، وذلك أن الصحابة استوخموا المدائن، وتغيرت ألوانهم، وضعفت أبانهم، لكثرة ذبابها وغبارها، فكتب سعد إلى عمر في ذلك، فكتب عمر: إن العرب لا تصلح إلا حيث يوافق إبلها. فبعث سعد حذيفة وسلمان بن زياد يرتادان للمسلمين منزلاً مناسباً يصلح لإقامتهم. فمرا على أرض

<<  <  ج: ص:  >  >>