به ما في العلم من خير وشر وتميز به الحق من الباطل.
وفي الحق إن العالم كله لفي حاجة شديدة إلى سيرة بشر كامل تتخذ من حياته الأسوة العظمى، وليس في الدنيا إنسان كامل يعرف التاريخ سيرته على التفصيل كما يعرف تفاصيل حياة محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فالناس كلهم في أمس الحاجة إلى أن يتخذوا من السيرة المحمدية منهاج حياتهم ففيها الأسوة الطاهرة، وهي الحياة المثالية للناس جميعاً، صلى الله عليه سلم.
* * *
(٥)
شرط الشمولية
قد توجد التاريخية في حياة بعض الناس، وقد يوجد شيء من الكمال في حياة هؤلاء، ولكن أن تكون حياتهم من الخصب والغنى بحيث تسع الناس زماناً ومكاناً - حيث إن هذا هو المطلوب في سيرة القدوة والهادي - فليس ذلك لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اجتمع في سيرته التاريخية والكمال في التصرفات، والشمولية، حتى لتسع سيرته الزمان والمكان والأشخاص، بالقدوة والهداية، وهذا هو محور المحاضرة الخامسة.
يقول المؤلف:
ليس من الممكن أن يكون جميع الداخلين في دين من الأديان من طائفة بشرية واحدة، أو أن يكونوا من شعب إنساني واحد، لأن الدنيا قد قام بنيانها على التنوع في الأعمال والاختلاف في الأفعال، ولولا أن الناس مختلفون في مهنهم ومكاسبهم وأشغالهم ومعايشهم، وهم يتعاونون ويساعد بعضهم بعضاً، لخربت الدنيا.
ولابد للعالم من ملك أو رئيس جمهورية أو وال يتولى أمورهم العامة، وحاكم يحكم بينهم فيما يختلفون فيه. وكذلك لا تخلو الدنيا من رعية يرعى أمورهم رئيس، ومن محكومين يحكم فيهم حاكم، ومن خصوم يقضي بينهم قاض بالعدل، ليسود الأمان ويستتب