هناك خلاف حول غزوة بني النضير متى كانت، وعامة كتاب السير أنها في السنة الرابعة وهذه الرواية تدل على أنها كانت في السنة الثالثة، ولا يترتب على الخلاف عمل، وقد جرينا على رأي الجمهور في هذه الغزوة.
قال ابن القيم في زاد المعاد عن ما جرى في أخريات بئر معونة ثم عن غزوة النضير:
وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر بن محمد فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه وأسر عمرو بن أمية الضمري، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه، ورجع عمرو بن أمية فلما كانت بالقرقرة من صدر قناة نزل في ظل شجرة، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأر أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر به، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال لقد قتلت قتيلين لأدينهما، فكان هذا سبب غزوة بني النضير، فإنه خرج غليهم ليعينوه في ديتهما لما بينه وبينهم من الحلف، فقالوا: نعم وجلس هو وأبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه، فاجتمع اليهود وتشاوروا وقالوا: من رجل يلقي على محمد هذه فيقتله؟ فانبعث أشقاها عمرو بن جحاش لعنه الله، ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله يعلمه بما هموا به فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقته راجعاً إلى المدينة، ثم تجهز وخرج بنفسه لحربهم، فحاصرهم ست ليال، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وذلك في ربيع الأول، قال ابن حزم: وحينئذ حرمت الخمر، فنزلوا على أن لهم ما حملت إبلهم غير السلاح ويرحلون من ديارهم فترحل أكابرهم كحيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق إلى خيبر، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجلان فقط يامين بن عمرو وأبو سعيد بن وهب فأحرزا أموالهما وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني النضير بين المهاجرين الأولين خاصة، لأنها كانت مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، إلا أنه أعطى أبا دجانة وسهل بن حنيف الأنصاريين لفقرهما. وفي هذه الغزوة نزلت سورة الحشر هذا الذي ذكرناه هو الصحيح عند أهل المغازي والسير، وزعم محمد بن شهاب الزهري أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر