للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال في الفتح بمناسبة حماية الله عاصماً بالدبر.

قوله (فلم يقدروا منه على شيء) في رواية شعبة فلم يقدروا أن يقطعوا من لحمه شيئاً، وفي رواية أبي الأسود عن عروة "فبعث الله عليهم الدبر تطير في وجوههم وتلدغهم، فحالت بينهم وبين أن يقطعوا" وفي رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن قتادة قال: كان عاصم بن ثابت أعطى الله عهداً أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً أبداً، فكان عمر يقول لما بلغه خبره: يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما حفظه في حياته.

[فوائد]

قال ابن حجر معلقاً على الحديث السابق:

وفي الحديث أن للأسير أن يمتنع من قبول الأمان ولا يمكن من نفسه ولو قتل، أنفة من أنه يجري عليه حكم كافر، وهذا إذا أراد الأخذ بالشدة، فإن أراد الأخذ بالرخصة فله أن يستأمن، قال الحسن البصري: لا بأس بذلك. وقال سفيان الثوري: أكره ذلك. وفيه الوفاء للمشركين بالعهد، والتورع عن قتل أولادهم، والتلطف بمن أريد قتله، وإثبات كرامة الأولياء، والدعاء على المشركين بالتعميم، والصلاة عند القتل، وفيه إنشاء الشعر وإنشاده عند القتل ودلالة على قوة يقين خبيب وشدته في دينه، وفيه أن الله يبتلي عبده المسلم بما شاء كما سبق في علمه ليثيبه، ولو شاء ربك ما فعلوه. وفيه استجابة دعاء المسلم وإكرامه حياً وميتاً، وغير ذلك من الفوائد مما يظهر بالتأمل. وإنما استجاب الله له في حماية لحمه من المشركين ولم يمنعهم من قتله لما أراد من إكرامه بالشهادة، ومن كرامته حمايته من هتك حرمته بقطع لحمه. وفيه ما كان عليه مشركو قريش من تعظيم الحرم والأشهر الحرم.

وقال الدكتور البوطي معلقاً على رفض عاصم الأسر واستئسار خبيب:

يستدل مما سبق أن للأسير في يد العدو أن يمتنع من قبول الأمان، ولا يمكن من نفسه ولو قتل، ترفعاً عن أن يجري عليه حكم كافر، كما فعل عاصم.

فإن أراد الترخص، فله أن يستأمن، مترقباً الفرصة مؤملاً الخلاص كما فعل خبيب وزيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>