للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول:

يفيد الحديث أن من مهماته صلى الله عليه وسلم القسمة، والقسمة تقتضي عدلاً، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقبل على أصحابه إقبالاً واحداً في التربية والتعليم والتوجيه، حتى ليكاد يظن كل واحد من أصحابه أنه أحب إليه مما سواه ثم إن كل إنسان يأخذ على قدر استعداده، وذلك هو العطاء الرباني.

وفي هذا الباب أدب للدعاة أن يقبلوا على المريدين إقبالاً واحداً، كما أن في ذلك درساً للذين يزهدون في بعض المريدين فمن يدري فقد يكون المزهود فيه خيراً من كثير من المرغوب فيهم، وفي سورة (عبس) درس.

* * *

[ما جاء عن رضاعه وتنشئته في البادية]

٢٢ - * روى أبو يعلي عن حليمة بنت الحارث - أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية التي أرضعته - قالت: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكرٍ نلتمس الرُّضعاء بمكة على أتانٍ لي فمراء قد أذمت بالرُكب. قالت: وخرجنا في سنة شهباء لم تُبقِ لنا شيئاً، ومعي زوجي الحارث بن عبد العُزى. قالت: ومعنا شارفٌ لنا والله إن يبض علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي، إن تنام ليلتنا مع بكائه، ما في ثديي ما يمصه، وما في شارفنا من لبن نغذوه، إلا أنا


٢٢ - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٢١): رواه أبو يعلي، والطبراني بنحوه، إلا أنه قال: حليمة بنت أبي ذؤيب، ورجالهما ثقات
الأتان: أنثى الحمار، وجمعها: أتن، وأُتُن. قمراء: أي صاحبة لون قريب إلى الخضرة، أو بياض فيه كدرة، وأذمت الركب: حبستهم لضعفها انقطاع سيرها، سنة شهباء: لا خضرة فيها أو لا قطر. شارف: الشارف من السهام العتيق القديم، ومن النوق المسنة الهرمة. تبض: بض الماء يبض بضاً وبضوضاً وبضيضاً، سال قليلاً قليلاً. نظره: أي نفذيه. رواء: من الري وهو ضد العطش. كفي علينا: بمعنى انتظرينا. الحاضر: الحاضر والحضارة خلاف البادية، والحضارة الإقامة في الحضر، أي المدينة أو القرية التي يقيم الناس فيها إقامة دائمة دونما ترحال. بطانا: أي أن بطونها ملأى من الشبع، لبناً: حافلة باللبن، حفلاً: ممتلأت الضروع باللبن. الشعب: الطريق بين حلين، غلام جفر: استجفر الصبي: بمعنى قوي على الأكل. ونحن أضن بشأنه: أصل الضن البخل، والمعنى هنا: أننا نحرص على أنه يبقى معنا، يرعيان أبهما: مفردها بهمة، وهي صغار الضأن، جاء أخوه يشتد: أي: جاء يعدو، والشد: العدو، شِهاب: شعلة من نار ساطعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>