لمن أحسن إلى من أساء إليه أو صفح عنه، وأن من حلف أن لا يفعل شيئاً من الخير استحب له الحنث، وجواز الاستشهاد بآي القرآن في النوازل، والتأسي بما وقع للأكابر من الأنبياء وغيرهم، وفيه التسبيح عند التعجب واستعظام الأمر، وذم الغيبة وذم سماعها، وزجر من يتعاطاها لاسيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه، وذم إشاعة الفاحشة وتحريم الشك في براءة عائشة رضي الله عنها.
وقال الزمخشري: لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الإفك بأوجز عبارة وأشبعها، لاشتماله على الوعيد الشديد، والعقاب البليغ، والزجر العنيف، واستعظام القول في ذلك، واستشناعه بطرق مختلفة، وأساليب متقنة، كل واحد منها كاف في بابه، بل ما وقع من وعيد عبدة الأوثان، إلا بما هو دون ذلك، وما ذاك إلا لإظهار علو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير من هو منه بسبيل. أهـ.
[تحقيق حول وجود سعد بن معاذ في قصة الإفك]
وحول ورود ذكر سعد بن معاذ في حادثة الإفك قال ابن حجر في الفتح:
قوله (فقال سعد بن معاذ الأنصاري) كذا هنا وفي رواية معمر وأكثر أصحاب الزهري، ووقع في رواية صالح بن كيسان "فقام سعد أخو بني عبد الأشهل" وفي رواية فليح "فقام سعد" ولم ينسبه، وقد تعين أنه سعد بن معاذ لما وقع في رواية الباب وغيره. وأما قول شيخ شيوخنا القطب الحلبي: وقع في نسخة سماعنا "فقام سعد بن معاذ" وفي موضع آخر "فقام سعد أخو بني عبد الأشهل" فيحتمل أن يكون آخر غير سعد بن معاذ، فإن في بني عبد الأشهل جماعة من الصحابة يسمى كل منهم سعداً، منهم سعد بن زيد الأشهلي شهد بدراً وكان على سبايا قريظة الذين بيعوا بنجد، وله ذكر في عدة أخبار منها في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته، قال فيحتمل أن يكون هو المتكلم في قصة الإفك. قلت: وحمله على ذلك ما حكاه عياض وغيره من الإشكال في ذكر سعد بن معاذ في هذه القصة، والذي جوزه مردود بالتصريح بسعد بن معاذ في هذه الرواية الثالثة، فأذكر كلام عياض وما تيسر من الجواب عنه، قال عياض: في ذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث