وأما أحمد بن حنبل فهو الإمام الكبير، المجمع على إمامته وجلالته، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيابني، رحل إلى الشام والحجاز واليمن وغيرها، وسمع من سفيان بن عيينة وطبقته، وروى عنه جماعة من شيوخه وخلائق آخرون لا يحصون، منهم البخاري ومسلم.
قال أبو زرعة: كانت كتب أحمد بن حنبل اثني عشر حملاً وكان يحفظها عن ظهر قلبه وكان يحفظ ألف ألف حديث.
ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين على الأصح، وله كرامات جليلة وامتحن المحنة المشهورة. وقد طول المؤرخون ترجمته وذكروا فيها عجائب وغرائب، وترجمة الذهبي في (سير أعلام النبلاء) في مقدار خمسين ورقة وأفردت ترجمته بمصنفات مستقلة.
وله - رحمه الله - المسند الكبير انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث ولم يدخل فيه إلا ما يحتج به وبالغ بعضهم فأطلق على جميع ما فيه أنه صحيح، وأما ابن الجوزي فأدخل كثيراً منه في موضوعاته، في كتاب الموضوعات لابن الجوزي، حيث أورد فيه أحاديث موضوعة مكذوبة.
لكنه رحمه الله كان يورد أحاديث ضعيفة، بل حسنة وصحيحة في كتابه - وتعقبه بعضهم في بعضها، وقد حقق الحافظ ابن حجر نفي الوضع عن جميع أحاديثه وأنه أحسن انتقاء وتحريراً من الكتب التي لم يلتزم مصنفوها الصحة في جميعها كالموطأ والسنن الأربعة، وليست الأحاديث الزائدة فيه على الصحيحين بأكثر ضعفاً من الأحاديث الزائدة في سنن أبي داود والترمذي، وقد ذكر العراقي أن فيه تسعة أحاديث موضوعة، وأضاف إليها خمسة عشر حديثاً أوردها ابن الجوزي في الموضوعات وهي فيه، وأجاب عنها حديثاً حديثاً. قال