للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان بيِّنَ أهل هذه الصحيفة من حدثٍ أو اشتجارٍ يُخافُ فسادُهُ، فإن مردهُ إلى الله وإلى محمدٍ رسول الله، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرهُ، وإنه لا تُجارُ قريش ولا من نصرها وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دُعُوا إلى صُلح يُصالحونَهُ ويلبسونَهُ فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهُم إذا دعُوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين على كل أناسٍ حصتُهم من جانبهم الذي قِبَلهم، وإنه لا يحُول هذا الكتاب دون ظالم أو آثمٍ، وإنهُ من خرج آمنٌ، ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم، إن الله جار لمن بر واتقى". كذا أورده ابن إسحاق بنحوه.

[دروس من الصحيفة]

١ - هذه الوثيقة ضبطت العلاقة بين أبناء المجتمع المدني جميعهم مؤمنهم ومشركهم ويهوديهم، ومن هنا نأخذ أن على الحركة الإسلامية حيثما وجدت أن تفكر في الصيغة الدستورية التي تحكم العلاقات بين المسلمين وبين غيرهم، والأمر في هذا الموضوع يختلف من وضع لوضع ومن قطر لقطر ومن ضعف لقوة، ومن كثرة لقلة، ومن استخلاف لسعي نحو الاستخلاف، والفتوى والشورى والمصلحة هي ضوابط هذا الأمر.

٢ - من تعبيرات هذه الوثيقة (وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم) هذا التعبير يفيد في المصطلحات الحالية أن كل المواطنين شعب واحد، وف هذا أبلغ رد على بعض المتشنجين الذين تتسع دائرة المحرمات عندهم حتى تصل إلى كل شيء.

٣ - إن على الحركة الإسلامية المعاصرة أن تأتي الناس من حيث يعرفون بما لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً ولا يناقض نصاً ولا فتوى ولا شورى، فتلك هي مصلحة الإسلام والمسلمين في عصرنا، وليس العكس كما يحلو لبعضهم أن يصور، فليس مطلوباً منا أن


لاتجار حرمة إلا بإذن أهلها: ليس لأحد أن يجير ذات حرمة لغيره إلا بإذن أهلها.
على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبلهُمْ: على كل قوم أن يدافعوا عن المدينة من جهتهم إذا دوهمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>