للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى قوله: {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} (١) وفي رواية الطبراني أنه قال: فقالوا: يا محمد أهؤلاء من الله عليهم من بيننا لو طردت هؤلاء لاتبعانك فأنزل الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} إلى قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}.

* * *

[بداية الدعوة في سريتها وفرديتها]

سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع الزمان والمكان والأشخاص، وهي بمجموعها يجد فيها كل عامل قدوة وأسوة، وأحكام الإسلام المنبثقة عن الكتاب والسنة تكمل الاستجابة لحاجات الإنسان وظروفه، ومن ههنا نقول:

إن من واجه ظروفاً كالظروف التي واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة يسنّ له أن يدعو سراً، وقد يتعين ذلك عليه إذا كان واجب الدعوة وتحقيق الهدف لا يتمان إلا بالسرية، فليست السرية مفروضة دائماً أو مسنونة دوماً، بل الحكم فيها منوط بالظروف التي تواجهها الدعوة وأصحابها.

ورأينا في مرحلة الدعوة السرية كيف أن الدعوة كانت فردية يقوم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، وأن الإيذاء بدأ مبكراً، والعروض والإغراءات والتزهيد بالمستجيبين من قِبل الكبراء كل ذلك كان واضحاً، وهي قضايا يجب أن يلتفت إليها الدعاة، وقد رأينا أكثر من نموذج أسلم فأرجعه رسول الله إلى قومه متربصاً منتظراً داعياً، مما يشير إلى أن هناك حالات يفضل فيها الانتشار على التجمع في المكان الواحد، وهذا كذلك موضوع يخضع لظروف الدعوة والداعية فليس التجمع في المكان الواحد مفروضاً في كل الأحوال، فلكل وضع أحكامه.

ولم نستقص فيما نقلناه كل الأحوال والأحداث التي حدثت في المرحلة السرية والفردية لتداخلها مع ما بعدها فكان ما ذكرناه نموذجاً يكفي لتوضيح الصورة.


(١) الأنعام: ٥١، ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>