* جاء بعد ذلك الإذن بالهجرة، وتآمرت قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه وأنجاه الله منهم، وكانت الهجرة، وتم الاستقرار في المدينة، وكانت مرحلة جديدة.
* * *
[من ملامح هذه المرحلة]
١ - إنها مرحلة تبليغ ودعوة مستمرين، فلقد سمع بالدعوة كل العرب تقريباً، ولقد استفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من موسم الحج، فبلغ تبليغاً مباشراً على مدى سنوات كل من استطاع الوصول إليهم.
قال المقريزي:
ثم عرض نفسه على القبائل أيام الحج، ودعاهم إلى الإسلام وهم: بنو عامر وغسان وبنو فزارة وبنو مرة وبنو حنيفة وبنو سليم وبنو عبس وبنو نصر وثعلبة بن عكاية وكندة وكلب وبنو الحارث بن كعب وبنو عُذرة وقيس بن الخطيم وأبو الحيسر أنس بن أبي رافع وبنو شيبان وبنو مجاشع وسويد بن الصامت والطفيل بن عمرو الدوسي وصمام بن ثعلبة.
وقد اقتص الواقدي أخبار هذه القبائل قبيلة قبيلة.
ويقال: إنه صلى الله عليه وسلم بدأ بكِندة فدعاهم إلى الإسلام ثم أتى كلباً ثم بنى حنيفة ثم بني عامر، وجعل يقول: مَنْ رجلٌ يحملني إلى قومه فينعني حتى أبلغ رسالة ربي، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي؟ هذا؛ وعمُّه أبو لهب وراءه يقول للناس: إنه كاذب، إنه ساحر، إنه كاهن، إنه شاعر، أكاذيب يقترفونه بها حسداً من عند أنفسهم وبغياً؛ فيُصغي إليهم من لا تمييز له من أحياء العرب، وأما الألباء فإنهم إذا سمعوا كلامه صلى الله عليه وسلم وتفهموه شهدوا بأن ما يقوله حق وصدق، وأن قومه يفترون عليه الكذب، فيسلمون.
٢ - إنها مرحلة تكوين رفيع المستوى للجيل الأول، فقد انصهر فيها ذلك الجيل بالمعاني القرآنية واحترق بمعاني العبادة، وخرج ذهباً من محنة الاضطهاد والإيذاء