للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل: في الدعوة الجهرية]

اعتاد المؤلفون أن يعنونوا لهذه المرحلة بمثل العنوان الذي عنونا به، فوافقناهم عليه مع أنه ملتبس، فالمرحلة الثانية كان فيها دعوة جهرية جماعية، لكن قد بقيت الدعوة الفردية مستمرة، وبقيت السرية قائمة فالاستخفاء في دار الأرقم لازال موجوداً، وهناك روايات تصرح بذلك، المهم أن التكتم بقي مستمراً مع الجهر بالدعوة، ولعل هذه المرحلة تشد لمن ينادون بجهرية الدعوة وسرية التنظيم، والظاهر أن هذه المرحلة استمرت حتى إسلام عمر فعندئذ وُجدت جهرية الدعوة على كمالها، وخلال ذلك كان كثيراً ما ينكشف إسلام من أسلم، وعلى كل الأحوال فجهرية الدعوة وسرية التنظيم منوطان بالظروف والمصلحة والأوضاع التي تواجهها الدعوة أو يواجهها الدعاة.

وبعد ثلاث سنين من البعثة على القول الراجح نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (١)، وقوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (٢)، وعندئذ بدأت الدعوة الجهرية فخص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعم تنفيذاً لأمره تعالى.

٨٧ - * روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشر قُريش - أو كلمةً نحوها - اشترو أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا بني عبد منافٍ، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا عباسُ بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا صفيةُ عمةٌ رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا فاطمةُ بنت محمدٍ، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً".

وللبخاري أيضاً (٣) قال: يا بني عبد منافٍ، اشتروا أنفسكم من الله، يا بني


(١) الشعراء: ٢١٤.
(٢) الحجر: ٩٤.
٨٧ - البخاري (٨/ ٥٠١) ٦٥ - كتاب التفسير - باب - (وأنذر عشيرتك الأقربين).
(٣) البخاري (٦/ ٥٥١) ٦١ - كتاب المناقب - ١٣ - باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>