حُوّلت في هذه السنة القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، ونزلت فريضة صيام شهر رمضان، وفرضت زكوات الأموال وزكاة الفطر، وتم تشريع المعاقل لتصفية آثار القتل الخطأ وتوفيت رُقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان عقب غزوة بدر، وقدمت زينب بنت رسول الله مهاجرة من مكة إلى المدينة، وتزوج علي رضي الله عنه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الحركة السياسية متمثلة في التحالفات، والحركة العسكرية متمثلة في البعوث والسرايا والغزوات على أشدهما؛ فتحقق من خلال ذلك كله: أن توسعت دائرة الأمن والنفوذ للدولة الإسلامية وأصبحت سيطرة المسلمين على الطريق بين مكة والشام كاملة، ولذلك حاولت قريش أن ترسل تجارتها بعد بدر عبر العراق ومع ذلك سقطت بيد المسلمين، وترتب على ذلك تلقائياً أن تأخذ المعارك منحى أكثر شدة وأوعب تعبئة، وهذا عرض سريع للتحالفات، وللحركة العسكرية لهذا العام كما عرضهما كتاب السير، مع ملاحظة أن في تاريخ بعض السرايا والغزوات خلافاً بين كتاب السير، وهو خلاف لا يترتب عليه عمل؛ لذلك لم نشدد فيه.
* * *
[١ - في تحالفات هذا العام]
قال ابن كثير في البداية والنهاية: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غازياً في صفر على رأس اثني عشر شهراً من مقدمه المدينة. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة سعد بن عبادة. قال ابن إسحاق: حتى بلغ ودَّان وهي غزوة الأبواء، قال ابن جريرك ويقال لها غزوة وُدان أيضاً، يريد قريشاً وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانةن فوادعته فيها بنو ضمرة، وكان الذي وادعه منهم مخشي بن عمرو الضمري، وكان سيدهم في زمان ذلك. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيداً فأقام بها بقية صفر وصدراً من شهر ربيع الأول. قال ابن هشام: وهي أول غزوة غزاها عليه السلام.
وقال ابن كثير نقلاً عن ابن إسحاق: نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جُمادى