السماوات السبع إلى سدرة المنتهى إلى حيث شاء الله بعد الإسراء به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حال كون العروج الذي جزمت به مثل الذي رواه أهل الحديث والتفسير والسير. وقد استغنى الناظم بذكر المعراج عن الإسراء لشهرة إطلاق أحد الاسمين على ما يعم مدلوليهما، وهو سيره صلى الله عليه وسلم ليلاً إلى أمكنة مخصوصة على وجه خارق للعادة. والحق أنه كان يقظة روحاً وجسداً خلافاً لمن قصره على المنام، والإسراء ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فمن أنكره كفر، وأما المعراج فثابت بالأحاديث المشهورة من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع، ومنها إلى الجنة، ثم إلى المستوى أو العرش وبخير الواحد، لذا لا يكفر منكره بل يفسق. والتحقيق أنه لم يصل إلى العرش.
[الإسراء بالروح وبالجسد]
وقال الدكتور البوطي:
كان الإسراء والمعراج بكل من الروح والجسد معاً. على ذلك اتفق جمهور المسلمين من المتقدمين والمتأخرين. قال النووي في شرح مسلم ما نصه:
والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أُسري بجسده صلى الله عليه وسلم، والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل ولا استحالة في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل.
ويقول ابن حجر في شرحه على البخاري: إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل.
ومن الأدلة التي لا تقبل الاحتمال على أن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح، ما ذكرنا من استعظام مشركي قريش لذلك، وتعجبهم للخبر وسرعة تكذيبهم له. إذ لو كانت المسألة مسألة رؤيا وكان إخباره إياها لذلك على هذا الوجه، لما استدعى الأمر منهم أي