للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تعليقات]

كانت محاولة ابن الزبير أقوى محاولة لإعادة الخلافة الراشدة بعد الملك العضوض، ولقد كادت هذه المحاولة أن تنجح، بل كان ابن الزبير هو الخليفة الشرعي للمسلمين في المدة التي أخذ فيها البيعة لنفسه، وها أنت ترى أن الأكثرية المطلقة من المسلمين قد بايعته ثم قتل بعد ذلك، وعاد الأمر إلى بني أمية وإلى الشام، ولعل السر في ذلك يكمن في أن الشام وقتذاك هي ذات الجند الأقوى وهي الأكثر قدرة على الحركة فمن غلب عليها فقد غلب.

كانت المناطق التي تصلح أن تكون قواعد للحكم ثلاثة: العراق والشام والحجاز فهذه من الإمة الإسلامية في القلب، ولقد دخلت العراق أكثر من حرب خاسرة مع بني أمية فلم تربح الجولة لا مع علي رضي الله عنه ولا مع الحسن رضي الله عنه، وقد خذلت الحسين رضي الله عنه وكانت الشام لبن أمية خالصة فلم يبق إلا الحجاز، وقد ثارت الحجاز ثورتين: ثورة في المدينة، وانتهت نهاية مأساوية، والثورة الثانية في مكة وكان على رأسها ابن الزبير رضي الله عنه وانتهت نهاية مأساوية. ولقد ثارت العراق مرة أخرى بزعامة عبد الرحمن بن الأشعث فلم تفلح.

كان انتزاع السلطة من بني أمية يحتاج إلى قوة أخرى، ولقد استطاع العباسيون أن يدخلوا هذه القوة في الميدان فأزالوا سلطان بني أمية.

من بعض الروايات التي مرت معنا ندرك سبباً من أسباب تغلب بني أمية وهو أن رؤوس المسلمين لم يكونوا متحمسين لاستخلاص الحكم من بني أمية لأنهم كانوا يرون أن الصراع ضدهم صراع دنيوي، فلم يكن أهل الآخرة متحمسين، وكان أهل الشام يصارعون بعقلية الجندي.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>