خائري القوى لا يصلحون لرئاسة الشعوب، ولا لقيادة الجيوش، ولا لزعامة حركات الإصلاح ودعوات الخير، فشجاعة القائد والداعية بفعله وعمله يفيد في جنوده وأنصاره في إثارة حماسهم واندفاعهم ما لا يفيده ألف خطاب حماسي يلقونه على الجماهير، ومن عادة الجنود والأنصار أن يستمدوا قوتهم من قوة قائدهم ورائدهم، فإذا جبن في مواقف اللقاء، وضعف في مواطن الشدة، أضر بالقضية التي يحمل لواءها ضرراً بالغاً. اهـ.
* * *
[٥ - فقهيات]
ذكر ابن القيم عدداً من الأحكام والمسائل الفقهية التي تؤخذ من غزوة أحد، وها نحن ننقل بعضاً مما ذكره: منها أنه لا يجب على المسلمين إذا طرقهم عدوهم في ديارهم الخروج إليه بل يجوز لهم أن يلزموا ديارهم ويقاتلوهم فيها إذا كان ذلك أنصر لهم على عدوهم كما أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
ومنها جواز سلوك الإمام بالعسكر في بعض أملاك رعيته إذا صادف ذلك طريقه وإن لم يرض المالك.
ومنها أنه لا يأذن لمن لا يطيق القتال من الصبيان غير البالغين بل يردهم إذا خرجوا كما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر ومن معه.
ومنها جواز الغزو بالنساء والاستعانة في الجهاد بهن ومنها جواز الانغماس في العدو كما انغمس أنس بن النضر وغيره.
ومنها أن الإمام إذا أصابته جراحة صلى بهم قاعداً وصلوا وراءه قعوداً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة واستمرت على ذلك سنته إلى حين وفاته.
ومنها جواز دعاء الرجل أن يقتل في سبيل الله وتمنيه ذلك وليس هذا من تمني الموت المنهي عنه.
ومنها أن المسلم إذا قتل نفسه فهو من أهل النار لقوله صلى الله عليه وسلم في قزمان الذي أبلى يوم