فيها شيء من الاحتقار، وقد تجلت هذه النظرة في الكلمة التي قالها أبو جهل وهو عقير، قد قتله ابنا عفراء وهما من الأنصار، وقد أدركه عبد الله بن مسعود وبه رمق (لو غير أكار قتلني).
* * *
[الحالة الاقتصادية والحضارية]
كانت مدينة يثرب بطبيعتها منطقة زراعية، وكان أكثر اعتماد أهلها على الزراعة والبساتين، وكان من أهم حاصلاتها التمر والعنب، فكانت فيها جنات النخيل والأعناب، وجنات معروشات وغير معروشات، وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان، ومن الزروع الحبوب والبقول، وكان التمر وخاصة أيام الجدب، وتخلف الأمطار، يسد كثيراً من حاجة السكان الغذائية، وكان كعملة يتبادل بها أهلها عند الحاجة، وكانت النخيل مصدر خيرات كثيرة في حياتهم، فكانوا يستخدمونه في الغذاء والبناء، والصناعة، والوقود، وعلف الدواب، ولتمر المدينة أنواع كثيرة وتفاصيل دقيقة تصعب الإحاطة بها، لأهل المدينة تجارب وطرق في تنمية حاصل النخيل وتحسينه استفادوها من طول المراس، منها تأبير النخل.
هذا لا ينفي وجود حركة تجارية في المدينة، ولكنها لم تكن في القوة والانتشار بمكانة الحركة التجارية في مكة، إذ كان اعتماد أبناء الوادي (مكة) وهو غير ذي زرع ومياه وفيرة - على التجارة ورحلة الشتاء والصيف.
وكانت في المدينة بعض الصناعات يمارس أكثرها اليهود، ولعلهم جلبوها من اليمن، فلم يزالوا فيه إلى أن غادروه في الزمن الأخير، حاذقين في الصناعات، وكان عامة بني قينقاع صاغة، وكانوا أغنى طوائف اليهود في مدينة يثرب، وكانت بيوتهم تحتوي على الأموال الطائلة، والحلي الكثيرة من الفضة والذهب، مع أن عددهم كان غير كثير.
وقد منحت طبيعة يثرب، وهي بركانية التربة، أراضيها خصباً زائداً، وهي ذات وديان كثيرة، تفيض بمياه السيول، فتروي أرضها وتسقي النخل والزروع، اشتهر منها