للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جعل من نسله إمام الصديقين وخاتم المرسلين محمداً صلى الله عليه وسلم الذي ربى أمة على الصدق في القول والحال والعمل، فكانت خير أمة أخرجت للناس.

قصة إسماعيل الذبيح - عليه السلام - وبناء البيت (١):

٧ - * روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أول ما اتخذ النساءُ المنطق من قِبَلِ أم إسماعيل، اتخذت منطقاً لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل - وهي تُرضعه - حتى وضعها عند البيت، عند دوحةٍ فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم: قالت: إذاً لا يُضيعنا.

ثم رجعت، فانطلق إبراهيمُ حتى إذا كان عند التثنية - حيث لا يرونه - استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ {يَشْكُرُونَ} (٢).

وجعلت أمُّ إسماعيل تُرضعُ إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفدَ ما في السِّقاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال: يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبلٍ في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظرُ هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت


(١) تعلق هذه الفقرة بفصل النسب من حيث إنها حديث عن إبراهيم وإسماعيل جدي رسول الله عليهم الصلاة والسلام وما أحاط بسرية السكنى في الحرم.
٧ - البخاري (٦/ ٣٩٦) ٦٠ - كتاب الأنبياء - ١ - باب يزفون النسلان في المشي.
المِنْطق: هو ما تشد به المرأة وسطها من عمل الأشغال لترفع ثوبها. وهو أيضاً النطاق. لتعفي: لتخفي. الدوحة: الشجرة العظيمة. قَفِّي: ولاك قفاه رجعاً عنك. ألله أمرك بهذا: أي هل أمرك الله بهذا؟. الثنية: الطريق في العقبة، وقيل: هو المرتفع من الأرض فيها. (بواد غير ذي زرع): مكة، فلا ينبت فيها زرع. يتلبط: يضطرب ويتقلب ظهراً لبطن. درعها: قميصها. الإنسان المجهود: الذي أصابه الجهد.
(٢) إبراهيم: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>