رسم الأستاذ الندوي في كتابه (السيرة النبوية) صورة للمدينة عند الهجرة فقال:
ولكي نأخذ صورة إجمالية صحيحة عن مدينة يثرب - التي اختارها الله دار هجرة للرسول، ومنطلق الدعوة الإسلامية في العالم، ومهد أول مجتمع إسلامي يقوم بعد ظهور الإسلام - يجب أن نعرف وضعها المدني، والاجتماعي، والاقتصادي، وصلة القبائل المقيمة فيها، بعضها ببعض، ومركز اليهود فيها، الاجتماعي، والاقتصادي، والحربي، والواقع الذي كانت تعيشه هذه المدينة الخصبة الغنية، التي التقت فيها ديانات، وثقافات، ومجتمعات مختلفة، بخلاف مكة ذات الطبيعة الواحدة، والطابع الموحد، والدين المشترك، وإلى القارئ بعض أضواء:
[اليهود]
المرجح في ضوء التاريخ أن غالبية اليهود حلوا بالجزيرة العربية بصفة عامة، ومدينة يثرب بصفة خاصة، في القرن الأول الميلادي، يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون:
بعد حرب اليهود والرمان سنة ٧٠ م التي انتهت بخراب بلاد فلسطين، وتدمير هيكل بيت المقدس، وتشتت اليهود في أصقاع العالم، قصدت جموع كثيرة من اليهود بلاد العرب كما حدثنا عن ذلك المؤرخ اليهودي (يوسي فوس) الذي شهد تلك الحروب، وكان قائداً لبعض وحداتها ... وتؤيد المصادر العربية كل هذا.
وكانت في المدينة ثلاث قبائل من اليهود، بلغ عدد رجالها البالغين أكثر من ألفين، وهي: قينقاع، والنضير، وقُريظة، ويقدر أن رجال قينقاع المحاربين، بلغ عددهم سبعمائة، كما كان عدد رجال النضير مثل هذا العدد، وكان الرجال البالغون من قريظة ما بين سبعمائة وتسعمائة.
وكانت العلاقة بين هذه القبائل الثلاث مضطربة متوترة، وقد يكون بعضهم حرباً على بعض، يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون: