للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل: في تكسير بعض الأصنام]

١٤٥ - * روى أحمد عن علي بن أبي طالب قال: انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" وصعد على منكبين فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفاً فنزل، وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اصعد على منكبي" قال: فصعدتُ على منكبيه، قال: فنهض بي، فإنه يخيلُ إلي أني لو شئت لنلتُ أفق السماء، حتى صعدتُ على البيت وعليه تمثال أصفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنتُ منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقذف به" فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلتُ. فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق، حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس. وفي روايةٍ: كان على الكعبة أصنام، فذهبت أحمل النبي صلى الله عليه وسلم فلم أستطع، فحملني فجعلتُ أقطعها، ولو شئت لنلتُ السماء.

هذه الحادثة الثابتة الوقوع يرويها الحاكم على أنه حدثت ليلة لهجرة، وقد وصف الذهبي رواية الحاكم بأن إسنادها نظيف ومتنها منكر، والظاهر أن نكارة متنها سببه أن هذه الرواية ذكرت أن الحادثة تمت ليلة الهجرة، وإلا فالرواية صحيحة كما رأينا، ولذلك اعتمدنا الرواية التي لم تذكر الهجرة، ورجحنا أن الحادثة تمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة دون تحديد زمن فعقدان لها هذا الفصل.

وبعد أن ذكر الله عز وجل عدداً من رسله في سورة الأنعام قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وممن ذكر هناك وممن أمر عليه الصلاة والسلام بالاقتداء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولقد كسر إبراهيم عليه الصلاة والسلام الأصنام، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك اقتداء به، وهذا يفتح أمامنا آفاقاً في التطبيق، ومن ثم فإننا نلفت النظر إلى ضرورة التأمل في قصص الأنبياء في القرآن، وأن يحاول المسلم الاقتداء فيما


١٤٥ - أحمد في مسنده (١/ ٨٤)، والبزار: كشف الأستار، (٣/ ١٣٨)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٣) وقال: رواه أحمد وابنه وأبو يعلي والبزار ورجال الجميع ثقات.
لنلت: (نلته) والنيل والنائل ما نلته وما أصابه منه نيلاً ولا نيلة ولا نولة. الصفر: النحاس مخلوط بغيره.
أزاوله: (زاوله) مزاولة وزوالاً: عالجه وحوله وطلبه، القوارير: الزجاج. نستبق: (استبقا): تسابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>