أحرزه المسلمون في القادسية، وكانوا قد زعموا أن الفرس قسروهم على نقض العهود وأخذوا منهم الخراج، فصدقهم المسلمون تألفاً لقلوبهم.
[٤ - فتح المدائن]
ثم توغّل سعد في بلاد العراق واستولى على المدائن، وغنم المسلمون منها غنائم كثيرة، من بينها بساط كسرى، ولاذ يزدجرد بالفرار يجر أذيال الخيبة، حاملاً معه أمواله وما خف حمله من المتاع: وقصة ذلك أن سعداً أُخْبِرَ أن كسرى يزدجرد عازم على أخذ الأموال والأمتعة من المدائن إلى حلوان وإن لم تدركه قبل ثلاث فات عليك وتفارط الأمر، فعند ذلك خطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة وحثهم على إخلاص النيات لله والاعتصام به تعالى، وندب الناس إلى العبور للقاء الفرس وانتدب عاصم بن عمرو وقريب من ستمائة ليجوزوا النهر لحماية ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى، فقبل عاصم وفقأ عيون خيول الفرس التي جاءت لقتالهم بالرماح، واستطاعوا أن ينفوا الفرس عن الجانب الآخر، وعبر المسلمون النهر بقيادة سعد لم يتخلف منهم أحد دون أن يمسهم سوء، واستحوذ المسلمون على ما في المدائن أجمع، وكان في جملة ذلك تاج كسرى وهو مكلل بالجواهر النفيسة التي تحير الأبصار ومنطقته وسيفه وسواره وقباؤه وبساط إيوانه، وقد استوهب سعد المسلمين أربعة أخماس البساط ولبس كسرى من المسلمين وأرسله إلى عمر والمسلمين بالمدينة لينظروا إليه ويتعجبوا منه، فلما نظر عمر إلى ذلك قال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال له علي كرم الله وجهه: إنك عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا، وألبس عمر سراقة بن مالك سواري كسرى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لسراقة وقد نظر إلى ذراعيه:"كأني بك وقد ألبست سواري كسرى".
[٥ - وقعة جلولاء]
لما نكل يزدجرد من المدائن هارباً لا يلوي على شيء، اجتمع إليه في أثناء الطريق جند وأعوان وخلق كثير وشايعة من الفرس جمع غفير، وأمر كسرى عليهم مهران الرازي وسار إلى حلوان، فأقام الجمع الذي جعه في جلولاء واحتفروا حولها خندقاً سحيقاً، فأرسل سعد بأمر الخليفة جيشاً كثيفاً يقارب اثني عشر ألفاً من سادات المسلمين ووجوه المهاجرين والأنصار بقيادة ابن أخيه هاشم بن عتبةن وجعل على مقدمة الجيش القعقاع بن عمرو،