للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهذا القرآن بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته، وبهذا القرآن ربي من استجاب له وعلمهم، وبهذا القرآن واجه وجابه، ولأمر أراده الله عز وجل لم تصلنا تفصيلات شاملة كاملة عن تسلسل الآيات في النزول، وقد تكون الحكمة قطع الطريق على التفكير في إعادة ترتيب القرآن لأن ترتيبه رباني ومعجز كما أثبتنا ذلك في كتاب (الأساس في التفسير)، وعلى كل فقد بقيت هناك معالم كبرى للقرآن الذي نزل في مكة قبل الهجرة، ومعالم كبرى لما نزل في المدينة، كما أن هناك معالم كبرى في تحديد زمن نزول بعض السور، فقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (١) نزل بعد أربع سنين من البعثة، وسورة المزمل نزلت في أوائل البعثة.

ومن استعراض لهذه المعالم الكبرى نستطيع أن نتعرف على كيفية المواجهة والمجابهة بين الوحي والفكر الجاهلي، كما نتعرف على مجموع الأفكار التي واجهت بها الجاهلية هذه الدعوة، لكن الترتيب الرباني لسور القرآن تسلسلت فيه المعاني على نمط لا يتقيد بترتيب النزول، وقد كان هذا بصيغة خالدة تسع الزمان والمكان فالتسلسل ذاك ملاحظ به الجيل الأول، أما هذا فقد جاء بشكل آخر يسع احتياجات البشر بعد كمال التشريع، ولا يفوت قارئ القرآن حالياً أن يستأنس بمكيتها أو مدنيتها ليتعرف على ما كان في المرحلة الأولى والثانية.

* * *

[متى وكيف نزل القرآن]

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (٢) وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (٣).

فيستشهد بذلك على أن القرآن أنزل في شهر رمضان، وفي ليلة القدر، وهذا يحتمل تأويلين: أحدهما: أن يكون أراد بدء النزول وأوله، لأن القرآن نزل في أكثر من عشرين


(١) الحديد: ١٦.
(٢) البقرة: ١٨٥.
(٣) القدر: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>