١ - دأب بعض الكاتبين أن يغفلوا الجانب السلبي في علاقات الصحابة بعضهم ببعض، ودأب بعضهم ممن في قلوبهم زيغ يضخمون هذه السلبيات كذباً وزوراً، وليس هذا صحيحاً، ولا هذا، فإغفال الجوانب السلبية يصور الصحابة وكأنهم معصومون وليس كذلك، ثم إن هذا يعمق معنى المثالية عند القراء فيستغربون بسبب ذلك ما يصادفهم من وقائع حياتية تجري بين المسلمين عامة وبين الدعاة خاصة، وأما الذين يضخمون السلبيات فهؤلاء كاذبون أولاً ثم هم يريدون أن يطعنوا في الرسالة ثانياً، فالسلبيات في حياة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلة وعارضة ثم إنهم يفيئون لأول تذكير ولولا كمالهم ما حسبت عليهم.
٢ - لقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم جيلاً قوياً في كل شيء، ولعل هذا هو سر الكثير مما حدث فيما بينهم فهذا الجيل العاشق للحق الوقاف عنده كان منصهراً في بوتقة واحدة زمن الرسالة، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح للاجتهادمحل، وفي جو الاجتهاد وشدة الشكيمة وقوة الوقوف مع الحق يكون ما يكون، ومن عرف هذا أدرك أن الكثير مما وقع بين الصحابة كان ميزة لهذا الجيل على أن هذا مما يذكر في معرض الدفاع وفي معرض تقرير الحكمة، وإلا فما حدث بين الصحابة رضي الله عنهم من أمور ينبغي أن تؤخذ منه العبرة، فالكمال هو ما كان زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر وعمر من وحدة المسلمين والتفافهم حول قيادتهم.
٣ - لم يصل جيل من الأجيال في تاريخ البشرية إلى ما وصل إليه هذا الجيل من تضحيات في سبيل الحق الخالص ومن تفاعل مع هذا الحق ومن ارتقاء فيه، هناك من يضحي ولكن من أجل الباطل، وهناك من يعمل لحق ولكن أفعاله تناقض أقواله، لكن هذا الجيل أصاب الحق وتفاعل معه وانسجم مع ضميره وذاته وكل ذلك ببركات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تأمل في عدد الشهداء من هذا الجيل وتأمل مَنْ مِنْ هذا الجيل لم يُبتل بالنفس أو المال أو الأهل أو بذلك كله، ثم لاحظ تلك الاندفاعية من المركز أو الثورة الضوئية نحو هذا العالم لترى شيئاً عجباً تعرف به وبغيره أن هذا الجيل لم يُسبق ولن يُلحق.