خديجة أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين في زمانها، أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، القرشية الأسدية، أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشَهُ، ومضت به إلى ابن عمها ورقة.
ومناقبها جمة، وهي ممن كمُلت من النساء. كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة، من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأةٍ ما غرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاء منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تسري عليها قط، ولا تسري إلى أن قضت نحبها، فوجِد لفقدها، فإنها كانت تعم القرين وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها.
قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة، وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية.
كانت خديجة أولاً تحت أي هالة بن زُرارة التميمي، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم، فبنى بها وله خمس وعشرون، وكانت أسنُّ منه بخمس عشرة سنة. عن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة، وقيل: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون (هو جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها) عن خمس وستين سنة.
قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام، وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام.