قال ابن كثير في ترجمته: قيس بن سعد بن عبادة الخرزجي صحابي جليل كأبيه، وله في الصحيحين حديث، وهو القيام للجنازة، وله في المسند حديث في صوم عاشوراء، وحديث غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارهم وغير ذلك، وخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وحمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، واستعمله على الصدقة، ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح ومعه ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، فأصابهم ذلك الجهد الكثير فنحر لهم قيس بن سعد تسع جزائر، حتى وجدوا تلك الدابة على سيف البحر فأكلوا منها، وأقاموا عليها شهرًا حتى سمنوا، وكان قيس سيدًا مطاعًا كريمًا ممدحًا شجاعًا، ولاه على نيابة مصر، وكان يقاوم بدهائه وخديعته وسياسته لمعاوية وعمرو بن العاص، ولم يزل معاوية يعمل عليه حتى عزله علي عن مصر وولى عليها محمد بن أبي بكر الصديق، فاستخفه معاوية، ولم يزل حتى أخذ منه مصر.
وقال موسى بن عقبة: قالت عجوز لقيس: أشكو إليك قلة فأر بيتي، فقال قيس: ما أحسن هذه الكناية!! املأوا بيتها خبزًا ولحمًا وسمنًا وتمرًا.
وقال غيره: كانت له صحفة يدار بها حيث دار، وكان ينادي له مناد: هلموا إلى اللحم والثريد وكان أبوه وجده من قبله يفعلان كفعله، وقال عروة بن الزبير: باع قيس ابن سعد من معاوية أرضًا بتسعين ألفًا، فقدم المدينة فنادى مناديه: من أراد القرض فليأت، فأقرض منها خمسين ألفًا وأطلق الباقي، ثم مرض بعد ذلك فقل عواده، فقال لزوجته -قريبة بنت أبي عتيق أخت أبي بكر الصديق- إني أرى قلة من عادني في مرضي هذا، وإني لأرى ذلك من أجل مالي على الناس من القرض، فبعث إلى كل رجل ممن كان له عليه دين بصكه المكتوب عليه، فوهبهم ماله عليهم، وقيل: إنه أمر مناديه فنادى: من كان لقيس بن سعد عليه دين فهو منه في حل، فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه من كثرة العواد، وكان يقول: اللهم ارزقني مالاً وفعالاً، فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال. وقال سفيان الثوري: اقترض رجل من قيس بن سعد ثلاثين ألفًا فلما جاء ليوفيه إياها قال له قيس: إنا قوم ما أعطينا أحدًا شيئًا فنرجع فيه. وقال الهيثم بن عدي: اختلف ثلاثة