أقول: إن القتال مع علي كان حقاً وصواباً ومن قتل معه فهو شهيد وله أجران، ولكن أبا بكرة حمل حديثاً ورد في غير الحالة قاتل فيها علي على حالة قتال الباغين وهو فهم منه رضي الله عنه ولكنه فهم في غير محله. ومن هذه الرواية ندرك أن عقبات متعددة واجهت علياً رضي الله عنه في معركته مع الآخرين منها أمثال هذه الفتاوى التي هي أثر عن روح أكثر منها أثر عن فتوى تصيب محلها.
* * *
[تعليقات]
ورث الإمام علي رضي الله عنه الحكم، والفتنة قائمة فلم يستطع السيطرة الكاملة على دفة الأمور رغم العلم والحزم والشجاعة والبطولة والفضل وذلك في رأيي يرجع إلى أمور:
١ - عدم مراعاة المستجدات التي طرأت على النفسية الإسلامية وعلى المجتمع الإسلامي، فلقد تلبست النفسية المسلمة في الدنيا فكان لابد أن تساس من خلال دين ودنيا، ولم يكن أبو الحسن عنده استعداد لذلك.
٢ - عدم استعمال الدهاء اعتماداً على صولة الحق وحده في مخاطبة المسلمين، بينما حدث وضع جديد يخالف الوضع الذي كان عليه الحال في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان وراءه المجتمع الإسلامي كله، والحرب كانت مع الكافرين، فالخدعة كانت تنصب عليهم لكن ههنا مجتمع انقسم على نفسه، فههنا كان لابد للدهاء أن يعمل عمله.
٣ - اختلط حق بخطأ في موافق كل الأطراف ولذلك كان من الصعب جداً أن يتخلى كل طرف عن قناعاته، فالمطالبة بدم عثمان كانت لا تحتمل عند أصحابها جدلاً، وكون علي هو الخليفة الشرعي وهو الأحق بالخلافة كانت لا تحتمل جدلاً، وفي جو كهذا كان لابد من سلب دعاوى الشرعية من الخصوم، ولم يكن أبو الحسن في وضع يسمح له بذلك.
٤ - كان التآمر جديداً على الأمة الإسلامية وكانت التصورات تحول دون التدبير المكافئ لهذا التآمر. لذلك استطاع التآمر أن يعمل عمله دون أن يستطيع أحد السيطرة عليه.