وذكر الواقدي أن خروجهم من الشعب كان في سنة عشر من المبعث، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات أبو طالب بعد أن خرجوا بقليل. قال ابن إسحاق ومات هو وخديجة في عام واحد، فنالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تكن تناله في حياة أبي طالب. ولما لم يثبت عند البخاري شيء من القصة اكتفى بإيراد حديث أبي هريرة لأن فيه دلالة على أصل القصة، لأن الذي أورده أهل المغازي من ذلك كالشرح لقوله في الحديث:"تقاسموا على الكفر".
* * *
[درس من الحصار]
نلاحظ من خلال قصة الحصار أن مشركي بني هاشم وبني المطلب تضامنوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحموه كأثر من أعراف الجاهلية، ومن ههنا ومن غيره نأخذ أنه يسع المسلم أن يستفيد من قوانين الكفر فيما يخدم الدعوة على أن يكون ذلك مبنياً على فتوى صحيحة من أهلها.
إن حقوق الإنسان في عصرنا ضمان للمسلم، والحرية الدينية في كثير من البلدان يستفاد منها، وقوانين كثير من أقطار العالم تعطي للمسلمين فرصاً، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من ذلك وغيره من خلال موازنات دقيقة.
قال الدكتور البوطي بمناسبة حادثة الحصار:
والمهم أن تعلم بأن حماية أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم له، لم تكن حماية للرسالة التي بعث بها، وإنما كانت لشخصه من الغريب، وإذا أكن أن تستغل هذه الحماية من قِبَلِ المسلمين وسيلة من وسائل الجهاد والتغلب على الكافرين والرد لمكائدهم وعدوانهم فأنعم بذلك من جهد مشكور وسبيل ينتبهون إليها.