للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معرفة الحديث والاحتجاج به على الطالبين، ولا سيما المتأخرين.

[الحامل له على تأليف الصحيح]

وقد وجهه إلى هذا العمل الجليل كلمة سمعها من أستاذه إسحاق بن راهويه. روي عن البخاري أنه قال: كنت عند إسحاق بن راهويه فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوقع في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح، وقد قوّي عنده العزم رؤيا رآها فقد روي عنه أنه قال:

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأني واقف بين يديه، وبيدي مروحة أذب بها عنه، فسألت بعض المعبرين فقال لي: أنت تذب الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح.

[منهج البخاري في جمع الصحيح]

لقد نهج البخاري في جمع صحيحه منهجاً يدعو إلى الثقة والاطمئنان إلى صحة أحاديثه، وقد بالغ في التحري عن الرواة، والتوثق من صحة المرويات، وبذل في هذا أقصى ما وصل إليه الجهد الإنساني، وما زال يوازن بين المرويات، ويمحصها، ويتخير منها ما تركن إليه نفسه حتى صار كتابه إلى الحالة التي هو عليها تحريراً وتنقيحاً، يدل على ذلك ما روي عنه أنه قال: صنفت هذا الجامع من ستمائة ألف حديث - في ست عشرة سنة.

ومع أن البخاري اتبع في جمع صحيحه قواعد البحث العلمي الصحيح فقد استلهم الجانب الروحي من نفسه، قال تلميذه الفربري. سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: صنفت كتاب الجامع في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثاً إلا استخرت الله، وصليت ركعتين، وتبينت صحته.

ومراده أنه بوب أبوابه، ووضع أساسه في المسجد الحرام، ثم بيض تراجمه، وأصوله في

<<  <  ج: ص:  >  >>