الشرقي، ونزل أبو عبيدة على باب الجابية الكبير، ونزل يزيد بن أبي سفيان على باب الجابية الصغير، وشرحبيل بن حسنة على بقية أبواب البلد وحاصروا دمشق حصاراً شديداً، فأبلس أهلها وضعفوا، وقوي المسلمون واشتد حصارهم، وآنس خالد من الروم غِرَّة فقد ولد لبطريقهم - وهو القائد عند الروم تعادل اليوم رتبة جنرال- ولد فأكلوا وشربوا وناموا عن مواقعهم، فنهز خالد وأصحابه فقطعوا الخندق سباحة بقربٍ في أعناقهم ونصبوا السلالم وأثبتوا أعاليها بالشرفات وصعدوا فيها، فلما استووا على السور رفعوا أصواتهم بالتكبير وانحدروا إلى البوابين فصرعوهم وفتحوا الباب عنوة، ودخل الجيش من الباب الشرقي وشرع يقتل كل من وجد منأصحاب هذا الباب، وسأل أهل دمشق أمراء المسلمين على بقية الأبواب الصلح فأجابوهم دون أن يعلموا ما صنع خالد، واستقر أمر دمشق على الصلح.
[٢ - فتح الأردن]
فتح شرحبيل بن حسنة الأردن كلها عنوة، وبعث أبو عبيدة خالداً فغلب على البقاع وصالحه أهل بعلبك على أنصاف منازلهم وكنائسهم ووضع الخراج.
٣ - وقعة فِحل:
خلف أبو عبيدة يزيد بن أبي سفيان في خيله في دمشق وسار إلى فِحل وهي بلدة بالغور وعلى مقدمة الجيش خالد بن الوليد، وعلى ميمنته أبو عبيدة، وعمرو بن العاص على الميسرة، ولما علم أهل فحل بخروج المسلمين إليهم انحازوا إلى بيسان، وأرسلوا المياه على الأراضي تفصل بينهم وبين المسلمين فكانت مكيدة عظيمة، وظن الروم أن المسلمين على غرة فركبوا إليهم وهجموا عليهم، وكان المسلمون على أهبة الاستعداد، فقاموا إليهم وأعملوا السيوف في رقابهم، ففر الروم لا يلوون على شيء، وغرقوا في الوحل الذي كادوا به المسلمين، وقتل منهم ما يقارب الثمانين ألفاً وغنموا منهم مالاً جزيلاً، ومضى أبو عبيدة وخالد نحو حمص عملاً بوصية الخليفة الفاروق. واستخلف أبو عبيدة على الأردن شرحبيل ابن حسنة، فسار شرحبيل ومعه عمرو بن العاص فحاصر بيسان فخرجوا إليه فقتل منهم خلقاً كثيراً، ثم صالحه أهلها فضرب عليهم الجزية والخراج على أراضيهم.