من قريش، فطَعِمُوا وشربوا حتى ثمِلُوا. فقالت خديجة: إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه. فزوجها إياه، فخلعته وألبسته حلةً، وكذلك كانوا يفعلون بالآباء. فلما سري عنه سَكْرُه نظر فإذا هو مخلق وعليه حُلة. فقال: ما شأني؟ ما هذا؟ قالت: زوجتني محمد بن عبد الله. فقال أنا أزوج يتيم أبي طالب إلا لعمري. قالت خديجة: ألا تستحي، تريد أن تسفه نفسك عند قريش، تخير الناس أنك كنت سكران. فلم تزل به حتى رضي.
[تعليق حول الروايات السابقة]
قال الواقدي: والثابت عندنا المحفوظ عن أهل العلم، أن أباها (أي خديجة) خويلد ابن أسد مات قبل الفجار، وأن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أقول:
وفي زواج خديجة روايات كثيرة، وإنما أثبتنا هنا ما ذكر في الأصول التي اعتمدناها، وقد حمل بعضهم حملاتٍ منكرةً على هاتين الروايتين، لما ذكر فيهما من إسكار خديجة والدها، ولا أرى في ذلك شيئاً، بل هذا يدل على دهائها وحسن تأتيها للأمور، إذ الوقت وقت جاهلية ولا تحليل فيه ولا تحريم، وإذا انتفى المحظور، فبالإمكان الجمع بين هاتين الروايتين والمشهور، فقد تطلق العرب على العم أباً، فيكون المراد بالأب في الروايتين عم خديجة، إذا ثبت أن أباها كان متوفى وقتذاك.