كل ذلك نقوله للإشعار بأن ما سنذكره في هذا الباب بعض من كل، هو البعض الأكثر لصوقاً بمضمون هذا الباب.
* * *
وبمناسبة الكلام عن المعجزات والنبوءات ودلائل النبوة وأعلام الرسالة، أقول:
إن هناك دلائل وأعلاماً تظهر بالمقارنة، وهناك دلائل تظهر من خلال دراسة البيئة، وهناك دلائل تظهر من خلال خروجها عن مبدأ الاحتمالات، فلو أنك درست معاني الكتاب والسنة فإنك تعرف استحالة انبثاقها عن البيئة العربية، ولو أنك درست تصرفات رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدتها بالنسبة لعصرها خارقة حتى ولو كانت لا تخرج عن عالم الأسباب، نقول هذا كذلك للإشعار بأن ما سنذكره في هذا الباب لن ندخل فيه إلا ما كان من الخارقة للعادة مطلقاً، أو من باب النبوءة الواضحة في الإخبار عن مستقبل وبمثل هذا تقوم الحجة على كل إنسان.
* * *
سنرى أن كثيراً من المعجزات والنبوءات سترد في سياقات أخرى من هذا القسم، أو من هذا الكتاب وقد مر معنا الكثير من المعجزات فيما مضى، والمعروف أن المعجزات الرئيسية الكبرى لرسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، فهو معجزة مشتملة على معجزات كثيرة، وقد ذكرنا ذلك في الباب الثاني عند ظاهرة الوحي، ومن أكبر المعجزات معجزة انشقاق القمر، ومعجزة الإسراء والمعراج، وقد مرّتا معنا من قبل، وقد ذكرنا في الباب الأول أنواعاً من الخارقات، وذكرنا كذلك أنواعاً من المعجزات بمناسبة من المناسبات فيما مضى. وههنا سنذكر أمهات من المعجزات سواء كانت خارقات أو نبوءات، وواحدة من ذلك كله كافية للدلالة على رسالته عليه الصلاة والسلام فكيف إذا اجتمع هذا كله مع الخصائص ومع البشارات ومع الثمرات والتمكين؟!