للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل المدينة، حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا، فإني والله لولا أني أترك بناتٍ لي بعدي لأحببتُ أن تُقتل بين يديَّ. قال: فبينما أنا في الناظرين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي لتدفنهُما في مقابرنا فلحق رجل ينادي: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرُكم أن تردوا القتلى فتدفنوها في مضجعها حيث قُتلتْ، فرددناهما فدفناهما في مضجعهما حيثُ قُتلا فبينا أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيانٍ إذ جاءني رجلٌ فقال: يا جابر بن عبد الله، لقد أثار أباك عُمال مُعاوية، فبدأ فخرج طائفة منهم، فانطلقت إليه فوجدتُه على النحو الذي دفنته، لم يتغير إلا ما لم يدع القتيل قال: فواريته. وترك أبي عليه ديناً من التمر، فاشتد عليَّ بعض غرمائه في التقاضي، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إن أبي أصيب يوم كذا وكذا، وإنه ترك عليه ديناً من التمر، وإنه قد اشتد عليَّ بعض غرمائه في الطلب، فأحِبُّ أن تُعينني عليه لعلهُ أن يُنظرني طائفة من تمره إلى هذا الصِّرَام المقبل، قال: "نعم آتيك إن شاء الله قريباً من وسط النهار"، قال: فجاء ومعه حواريوه، قال: فجلسوا في الظل وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستأذن، ثم دخل علينا قال: وقد قلت لامرأتي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء اليوم وسط النهار فلا يُرينَّكِ، ولا تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ولا تكلميه ففرشت فراشاً ووسادة فوضع رأسه فنام. فقلتُ لمولي لي: اذبح هذه العِناق- وهي داجنٌ سمينةٌ- فالوَحا والعجَل، افرُغْ منها قبل أن يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معك، فلم نزل فيها حتى فرغنا منها وهو نائم. فقلتُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يستيقظُ يدعُو بطُهُوره، وأنا أخاف إذا فرغ أن يقوم - أي أن يذهب- فلا يفرغ من طُهُوره حتى يوضع العِناقُ بين يديه. فلما استيقظ قال: "يا جابر إيتني بطهُور" قال: نعم، فلم يفرغ من وضوئه حتى وُضِعَتْ العناقُ بين يديه. قال: فنظر إليَّ فقال: "كأنك قد عَلِمْت حُبَّنا اللحم. ادع أبا بكر" ثم دعا حوارييه، قال: فجيء بالطعام فوُضِعَ. قال: فوضع يده وقال: "بسم الله كلوا"، فأكلوا حتى شبعوا، وفضل منها لحمٌ كثير. وقال (١): [الراوي


= أثار آباك: أي قلب الأرض عن أبيك.
الصرام المقبل: أي وقت اجتناء التمر من العام الآتي.
فالوحا: أي فالإسراع في ذلك، ثم أكد ذلك بقول (والعجَل). =

<<  <  ج: ص:  >  >>