يواجهه أن يبحث عن حكم الله، والأمة الإسلامية مقيدة في سيرها بحكم الله، فقد يكون حكم الله القتال ابتداء، وقد يكون غير ذلك.
وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم منها ما يفيد الإباحة، ومنها ما يفيد السنية، ومنها ما يفيد الوجوب، والقرائن هي التي تحدد، وحتى أوامره ونواهيه صلى الله عليه وسلم للقرائن دخل في فهم الوجوب أو الحرمة منها، وفهم هذه القضية بالمكان الأعلى من فقه الحركة، صحيح أن من قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أفعاله غير المنسوخة فهو مأجور في كل حال، ولكن هذا شيء وادعاء الفرضية أو الحرمة شيء آخر.
ولاشك أن بعض أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطبق عليه وصف السياسة الشرعية، وبالتالي فبعض أفعاله جزء من السياسة اليومية التي كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم إدارته لشؤون المسلمين.
ولكن هل كل أحد مرشح لأن يقول عن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا يفيد السنية، وهذا يفيد الوجوب؟ وهل كل إنسان مرشح لأن يقول: هذا من السياسة اليومية وهذا من التشريع الدائم؟
إن هناك معلومات من الدين بالضرورة يستوي في معرفتها والفتوى بها العام والخاص ولكن ما سوى ذلك من أمور مشتبهات لا يستطيعها إلا مجتهد استشرف نصوص الكتاب والسنة واستوعب الكليات والجزئيات، أمثال هؤلاء هم المرشحون للبيان قال - عليه الصلاة والسلام - في الحدث الصحيح:"وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس" وإذن فهناك م يعلمها وهم الأئمة المجتهدون، ولخطورة أن يتكلم في هذا الموضوع أحد لم يصل إلى رتبة الاجتهاد، حكم الأئمة على من يتصدر للاجتهاد وليس أهلاً له بأنه ضال مُضِل، لأنه في هذه الحالة يجعل الحرام حلالاً، والواجب مباحاً، أو المباح حراماً، أو يعطل لنصوص بحجة أنها مؤقتة بوقت، أو كانت مرحلية، إلى غير ذلك من أقوال إن لم تكن صادقة فهي الضلال عينه.