للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معه بالإداوة. فتبرزَ ثم أتاني فسكبْتُ على يديه. فتوضأ. فقلتُ: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل لهما {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} قال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس! (قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة. ثم أخذ يسوقُ الحديث. قال: كنا معشر قريش، قوماً نغلبُ النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيدٍ، بالعوالي. فتغضبْتُ يوماً على امرأتي فإذا هي تُراجعني فأنكرْتُ أن تُراجعني. فقالت: ما تُنْكِرُ أنْ أراجعك؟ فوالله! إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فانطلقت فدخلت على حفصة. فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: نعمْ. فقلت: أتهجره إحداكُن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر. أفتأمنُ إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت. لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تساليه شيئاً. وسليني ما بدا لك ولا يغُرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكِ (يريد عائشة). قال: وكان لي جارٌ من الأنصار فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فينزلُ يوماً وأنزلُ يوماً فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك وكنا نتحدثُ، أن غسان تُنعِلُ الخيل لتغزونا. فنزل صاحبي ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه. فقال: حدث أمر عظيمٌ. قلت: ماذا؟ أجاءت غسانُ؟ قال: لا. بل أعظمُ من ذلك وأطولُ. طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه. فقلتُ: قد خابت حفصة وخسرتْ. قد كنتُ أظنُّ هذا كائناً. حتى إذا صليتُ


صغت قلوبكما: مالت.
العوالي: جمع عالية، وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة.
تراجع: مراجعة الكلام مرادته برجع جوابه، أي إعادته.
جارتُك: الجارة هاهنا: الضرةُ، أراد بها عائشة رضي الله عنها.
ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي لا تفعلي مثلها إن فعلت ذلك، فهي أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غسان: الأشهر ترك صرف غسان.
تنعل الخيل: أي يجعلون لخيولهم نعالاً لغزونا، يعني يتهيأون لقتالنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>