صلى الله عليه وسلم:"أينا أسرعُ بك لحوقاً؟ قال: "أطولكن يداً" فأخذُوا قصبةً يذرَعُونها، فكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به، وكانت تحب الصدقة.
وفي رواية لمسلم (١) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعكن لحاقاً بي أطولكُنَّ يداً" قالت: فكن يتطالون، أيتهن أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعملُ بيدها وتصدقُ.
قال النووي:(فكانت أطولنا يداً زينب) معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية، وهي الجارحة فكن يَذْرعن أيديهن بقصبة، فكانت سودة أطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة والجود.
قال في الفتح: وروى ابن سعد من طريق برزة بنت رافع قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فتعجبت وسترته بثوب وأمرت بتفرقته، إلى أن كشف الثوب فوجدت تحته خمسة وثمانين درهماً ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت فكانت أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به. وروى ابن أبي خيثمة من طريق القاسم بن معن قال: كانت زينب أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به وفي الحديث علم من أعلام النبوة ظاهر، وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة وهو لفظ "أطولكن" إذا لم يكن محذور. قال الزين بن المنير: لما كان السؤال عن آجال مقدرة لا تعلم إلا بالوحي أجابهن بلفظ غير صريح وأحالهن على ما لا يتبين إلا بآخر، وساغ ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفية. وفيه أن من حمل الكلام على ظاهره وحقيقته لم يُلم وإن كان مراد المتكلم مجازه، لأن نسوة النبي صلى الله عليه وسلم حملن طول اليد على الحقيقة فلم ينكر عليهن. وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من طريق يزيد بن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن: ليس ذلك أعني إنما أعني أصنعكن يداً، فهو ضعيف جداً، ولو كان ثابتاً لم
(١) مسلم (٤/ ١٩٠٧) ٤٤ - كتاب فضائل الصحابة-١٧ - باب من فضائل زينب أم المؤمنين.