أسماء الرحبي. وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه قد أُعِلُ بالانقطاع، فقل نقل ابن القيم في "تهذيب السنن" ٦/ ١٢٦ عن ابن القطان قوله: وعلته أن الناس قالوا: إن رواية يحيى ابن أبي كثير، عن زيد بن سلام منقطعة، على أن يحيى قال: حدثني زيد بن سلام، وقد قيل: إنه دلس ذلك، ولعله كان أجازه زيد بن سلام، فجعل يقول: حدثنا زيد. وهذا النوع من التدليس بيَّنه الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" فقال: ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التبعير بالتحديث أو الإخبار عن الإجازة موهماً السماع، ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئاً. وقال المؤلف في "ميزانه" في ترجمه يحيى بن أبي كثير: وروايته عن زيد بن سلام منقطعة، لأنها من كتاب وقعت له. ومع كل ما تقدم، فقد صحح الحديث الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" ١/ ٥٥٧ في باب الترهيب من منع الزكاة.
وما ذهب إليه الشيخ ناصر الدين الألباني بالاستناد إلى هذا الحديث وغيره مما أورده في "آداب الزفاف" من تحريم تحلي النساء بالذهب المحلق، وإباحة غير المحل قلهن، فقد خالف بذلك إجماع المسلمين سلفاً وخلفاً على إباحة تحلي النساء بالذهب محلقاً وغير محلق كالطوق والخاتم والسوار، والخلخال والقلائد، وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء المحققين كالجصاص الرازي في "أحكام القرآن" ٤/ ٤٧٧ والقرطبي في "تفسيره" ١٦/ ٧١، ٧٢، والنووي في "المجموع" ٤/ ٤٤٢ و ٦/ ٤٠، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٠/ ٣١٧ - ولا يتسع هذا التعليق لبيان وهاء رأيه هذا الذي انفرد به، والشبهات التي أثارها حول هذه المسألة، ونحيل القارئ الكريم على كتاب "إباحة التحلي بالذهب المحلق للنساء" للشيخ الفاضل إسماعيل بن محمد الأنصاري! فقد تكفلبالرد عليه، وتوهين ما استند إليه من الأحاديث التي يظن أنها تدل على مدعاه، ونقل عن العلماء أن المراد منها - على فرض صحتها - وغير ما ذهب إليه، وأورد نصوصاً من الكتاب والسنة الصحيحة تدل على صحة ما ذهب إليه جماهيرُ السلف والخلف من العلماء، وقد أجاد في كل ذلك وأفاد، فجزاه الله عنا خير الجزاء.