للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسماعيل، فسأل امرأته عنه؟ فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم؟ فقالت: نحن بِشَرّ، نحن في ضيق وشدة، فشكتْ إليه، قال: فإذا جاء زوجُك فاقرئي عليه السلام، وقولي له: يُغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه أنس شيئاً، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخٌ كذا وكذا، فسألنا عنك، فأخبرته، وسألني: كيف عيشُنا؟ فأخبرته أنا في جهدٍ وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيِّر عتبة بابك، قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقَكِ، الحقي بأهلك، فطلقها، وتزوج منهم أخرى.

فلبِثَ عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعدُ، فلم يجدْه، فدخل على امرأته، فسألها عنه؟ فقالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخيرٍ وسعة، وأثنتْ على الله، فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحمُ، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يكن لهم يومئذٍ حبٍّ. ولو كان لهم دعا لهم فيه"، قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاهَ.

قال: فإذا جاء زوجُكِ فاقرئي عليه السلام، ومُريه يثبتُ عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخٌ حسنُ الهيئة - وأثنت عليه - فسألني عنك؟ فأخبرته، فسألني، كيف عيشُنا؟ فأخبرته أنا بخيرٍ، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرُك أن تُثبتَ عتبة بابك، قال: ذاك أب وأنتِ العتبة، أمرني أن أمِسكَكِ.

ثم لبِثَ عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيلُ يبري نبلاً له تحت دوحة قريباً من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولدُ بالوالد، ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنعْ ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً - وأشار إلى أكمة مرتفعةٍ على ما حولها -


يبتغي لنا: يطلب لنا الرزق ويسعى فيه. اقرئي عليه السلام: بلغيه السلام. آنس شيئاً: أبصر شيئاً، وأراد: كأن رأى أثر أبيه وبركة قدومه. أفراقك: أي أطلقك. أكمة: الأكمة ما ارتفع من الأرض كالرابية. القواعد: مفردها قاعدة، وهي أساس البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>