للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو سفيان بن الحارث.

وكان أبو سفيان من الشعراء، وفيه يقول حسان:

ألا أبلغْ أبا سفيان عني ... مُغلْغَلةْ، فقد برح الخفاءُ

هجوت محمداً فأجبتُ عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء (١)

قيل: إن أبا سفيان حجَّ، فحلقه الحلاقُ، فقطع ثُؤلولاً في رأسه، فمرض منه ومات بعد قدومه بالمدينة، وصلى عليه عمر. ويُقال: مات بعد أخيه نوفل ابن الحارث بأربعة أشهر.

قال أبو إسحاق السبيعي: لما احتُضِرَ أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال: لا تبكوا عليّ، فإني لم أتنطَّف (٢) بخطيئة منذ أسلمتُ.

قال ابن إسحاق: ولأبي سفيان يرثي النبي صلى الله عليه وسلم:

أرقتُ فبات ليلى لا يزولُ ... وليل أخي المصيبة فيه طولُ

وأسعدني البكاء وذاك فيما ... أصيب المسلمون به قليلُ

فقد عظمتْ مُصيبتنا وجلتْ ... عشية قيل قد قُبض الرسول

فقدنا الوحي والتنزيل فينا ... يروح به ويغدو جبرئيلُ

وذاك أحقُّ ما سألتْ عليه ... نفوسُ الخلقِ أو كادت تسيلُ

نبي كان يجلو الشك عنا ... بما يُوحي إليه وما يقولُ

ويهدينا فلا نخشى ضلالاً ... علينا، والرسول لنا دليلُ

فلم نر مثله في الناس حياً ... وليس له من الموتى عديلُ

أفاطمُ إن جزعتِ فذاك عُذرٌ ... وإن لم تجزعي فهو السبيلُ

فعُودي بالعزاء فإن فيه ... ثواب الله والفضلُ الجزيلُ


(١) البيتان من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت، قالها يوم فتح مكة، مطلعها:
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء.
(٢) لم أتنطف: لم أتلطخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>