للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على المشهور عدل الناس إلى علي فبايعوه قبل أن يدفن عثمان، وقيل بعد دفنه وقد امتنع علي من إجابتهم إلى قبول الإمارة حتى تكرر قولهم له وفر منهم إلى حائط بني عمرو بن مبذول، وأغلق بابه فجاء الناس فطرقوا الباب وولجوا عليه، وجاؤوا معهم بطلحة والزبير، فقالوا له: إن هذا الأمر لا يمكن بقاؤه بلا أمير، ولم يزالوا به حتى أجاب.

وذكر سيف بن عمر عن جماعة من شيوخه قالوا: بقيت المدينة خمسة أيام بعد مقتل عثمان وأميرها الغافقي بن حرب، يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر. والمصريون يلحون على علي وهو يهرب منهم إلى الحيطان، ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه، والبصريون يطلبون طلحة فلا يجيبهم، فقالوا فيما بينهم لا نولي أحدًا من هؤلاء الثلاثة، فمضوا إلى سعد ابن أبي وقاص فقالوا: إنك من أهل الشورى فلم يقبل منهم، ثم راحوا إلى ابن عمر فأبى عليهم، فحاروا في أمرهم، ثم قالوا: إن نحن رجعنا إلى أمصارنا بقتل عثمان من غير إمرة اختلف الناس في أمرهم ولم نسلم، فرجعوا إلى علي فألحوا عليه، وأخذ الأشتر بيده فبايعه وبايعه الناس، وأهل الكوفة يقولون: أول من بايعه النخعي وذلك يوم الخميس الرابع والعشرون من ذي الحجة، وذلك بعد مراجعة الناس لهم في ذلك، وكلهم يقول: لا يصلح لها إلا علي، فلما كان يوم الجمعة وصعد على المنبر بايعه من لم يبايعه بالأمس، وكان أول من بايعه طلحة بيده الشلاء، فقال قائل: إنا لله وإنا إليه راجعون (١)، ثم الزبير، ثم قال الزبير: إنما بايعت عليًا واللج (٢) على عنقي والسلام، ثم راح إلى مكة فأقام أربعة أشهر، وكانت هذه البيعة يوم الجمعة لخمسة بقين من ذي الحجة اهـ. ابن كثير.

قال ابن حجرة: أخرج عمر بن شبة في كتاب أخبار البصرة من طريق المغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال: قال الأشتر: رأيت طلحة والزبير يبايعا غير مكرهين.

وأخرج من طريق أبي نضرة، قال: كان طلحة يقول إنه بايع وهو مكره.

ومن طريق ابن شهاب قال: ... ثم أرسل -أي علي- إلى طلحة والزبير فبايعاه ا. هـ


(١) وكأنه تشاءم من هذه البيعة، وأن الخلافة لن تستقر لعلي.
(٢) اللج: هو السيف بلغة طيء، وقيل هو اسم سمي به السيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>