للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون.

قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر: قال: فأتيت مكة، فتضعفت رجلاً منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلى، فقال الصابئ. فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم. حتى خررت مغشياً علي. قال فارتفعت حين ارتفعت، كأني نصب أحمر. فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها، ولقد لبثت، يا ابن أخي ثلاثين، بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع.

قال: فبينما أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان، إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتين منهم تدعوان إسافا ونائلة. قال فأتتا علي في طوافهما فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى. قال فما تناهتا عن قولهما. قال: فأتتا علي. فقلت: هن مثل


= أقراء الشعر: أي طرقة وأنواعه.
فتضعفت: نظرت إلى أضعفهم فسألته. لأن الضعيف مأمون الغائلة دائماً.
الصابئ: منصوب على الإغراء. أي انظروا وخذوا هذا الصابئ.
نصب أحمر: يعني من كثرة الدماء التي سالت مني بضربهم. والنصّب النصّب الصنم والحجر كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده، فيحمر بالدم. وجمعه أنصاب. ومنه قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}.
عكن بطني: جمع عكنة، وهو الطيَ في البطن من السمن: معني تكسرت أي انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه.
سُخُفة جوع: بفتح السين وضمها. هي رقة الجوع وضعفه وهزاله.
قمراء: مقمرة.
إضحيان: مضيئة، منورة. يقال: ليلة إضحان وإضحيانة. وضحياء ويوم أضحيان.
أسمختهم: هكذا هو في جميع النسخ. وهو جمع سماخ، وهو الخرق الذي في الأذن يقضي إلى الرأس. يقال صماخ وسماخ. والصاد أفصح وأشهر. والمراد بأسمختهم هنا: آذانهم. أي ناموا، قال الله تعالي: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ}. أي أنمناهم.
وامرأتين: هكذا هو في معظم النسخ بالياء. وفي بعضها: وامرأتان، بالألف، والأول منصوب بفعل محذوف أي ورأيت امرأتين.
فما تناهتا: أي ما انتهتا.
هنّ مثل الخشبة: الهن والهنة، بتخفيف نونهما، هو كناية عن كل شيء. وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر. فقال لها أو مثل الخشبة في الفرج. وأراد بذلك سب أساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>