قيس بن سعد فقالا: إن أباك قسم ماله ولم يعلم مجال هذا الولد إذ كان حملاً، فاقسموا له معكم، فقال قيس: إني لا أغير ما فعله سعد ولكن نصيبي له ...
وقال ابن أبي خيثمة: كان قيس بن سعد لا يزال هكذا رافعًا أصبعه المسبحة -يعني يدعو- وقد تقدم أن محمد بن أبي حذيفة كان قد تغلب على مصر وأخرج منها عبد الله بن أبي سرح، نائب عثمان بعد عمرو بن العاص، فأقره عليها علي مدة يسيرة ثم عزله بقيس بن سعد، فلما دخلها سار فيها سيرة حسنة وضبطها، وذلك سنة ست وثلاثين، فثقل أمره على معاوية وعمرو بن العاص، فكاتباه ليكون معها على علي فامتنع وأظهر للناس مناصحته لهما، وفي الباطن هو مع علي، فبلغ ذلك عليًا فعزله وبعث إلى مصر الأشتر النخعي فمات الأشتر في الرملة قبل أن يصل إليها، فبعث علي محمد بن أبي بكر فخف أمره على معاوية وعمرو، فلم يزالا حتى أخذا منه الديار المصرية، وقتل محمد بن أبي بكر هذا وأحرق في جيفة حمار. ثم سار قيس إلى المدينة، ثم سار إلى علي بن أبي طالب إلى العراق، فكان معه في حروبه حتى قتل علي، ثم كان مع الحسن بن علي حين سار إلى معاوية ليقاتله، فكان قيس على مقدمة الجيش، فلما بايع الحسن بن علي حين سار إلى معاوية ليقتله، فكان قيس على مقدمة الجيش، فلما بايع الحسن معاوية ساء قيسًا ذلك وما أحبه، وامتنع من طاعة معاوية، ثم ارتحل إلى المدينة، ثم قدم على معاوية في وفد من الأنصار فبايع معاوية بعد معاتبة شديدة وقعت بينهما، وكلام فيه غلظة، ثم أكرمه معاوية وقدمه وحظي عنده، فبينما هو مع الوفود عند معاوية إذ قدم كتاب ملك الروم على معاوية وفيه: أن ابعث إلي بسراويل أطول رجل في العرب، فقال معاوية: ما أرانا إلا قد احتجنا إلى سراويلك؟ -وكان قيس مديد القامة جدًا لا يصل أطول الرجال إلى صدره- فقام قيس فتنحى ثم خلع سراويله فألقاها إلى معاوية فقال له معاوية: لو ذهبت إلى منزلك ثم أرسلت بها إلينا، فأنشأ يقول عن ذلك:
أردت بها كي يعلم الناس أنها ... سراويل قيس والوفود شهود
وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه ... سراويل عادٍ ثمة وثمود
وإني من الحي اليماني لسيد ... وما الناس إلا سيد ومسود
فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم ... شديد وخلقي في الرجال مديد