للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمراً عظيماً بالمكيدة، فأطاع علي قيساً في الأمر كله، وجعله على مقدمة جيشه، فبعث معاوية يؤنب مروان والأسود، وقال: أمددتما علياً بقيس؟ والله لو أمددتماه بمائة ألف مقاتل، ما كان بأغيظ علي من إخراجكما قيساً إليه.

هشام بن عروة: عن أبيه، كان قيس مع علي في مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعد ما مات علي، فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل، وقال لأصحابه: إن شئتم جالدت بكم أبداً حتى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أماناً. فقالوا: خذ لنا، فأخذ لهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة. فلما ارتحل نحو المدينة ومعه أصحابه، جعل ينحر لهم كل يوم جزوراً حتى بلغ صراراً (١).

عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، قال: دخل قيس بن سعد في رهط من الأنصار على معاوية فقال: يا معشر الأنصار! بما تطلبون ما قبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلاً معي، كثيراً علي، وأفللتم حدي يوم صفين، حتى رأيت المنايا تلظى في أسنتكم، وهجوتموني حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلت: ارع فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، هيهات يأبى الحقين العذرة (٢)، فقال قيس: نطلب ما قلبك بالإسلام الكافي به الله ما سواه، لا بما تمت به إليك الأحزاب، فأما عداوتنا لك، فلو شئت، كففتها عنك، وأما الهجاء فقول يزول باطله، ويثبت حقه، وأما استقامة الأمر عليك فعلى كره منا، وأما فلنا حدك، فإنا كنا مع رجل نرى طاعته [طاعة] الله، وأما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فمن آمن به رعاها.

وأما قولك: يأبى الحقين العذرة، فليس دون الله يد تحجزك، فشأنك فقال معاوية: سوءة (٣). ارفعوا حوائجكم. اهـ. الذهبي.


(١) صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق.
(٢) العذرة: العذر وهو مثل يضرب للرجل يعتذر ولا عذر له، قال أبو عبيد: أصل ذلك أن رجلاً ضاف قوماً، فاستسقاهم لبناً، وعندهم لبن قد حقنوه في وطب، فاعتلوا عليه، واعتذروا فقال: أبى الحقين العذرة، أي: هذا الحقين يكذبكم.
(٣) السوءة: الفاحشة، وكل عمل وأمر شائن، تقال يشعر بها قائلها أنه قد ارتكب غلطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>