للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقالت خديجة لما ترى من جزعه)، وهذان طريقان مرسلان ورواتهما ثقات، فالذي يظهر أن كلاً من أم جميل وخديجة قالت ذلك، لكن أم جميل عبرت - لكونها كافرة - بلفظ شيطانك. وخديجة عبرت - لكونها مؤمنة - بلفظ ربك أو صاحبك، وقالت أم جميل شماتة وخديجة توجعاً.

وفي الجمع بين سببي النزول لقوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}، أقول: إنه قد يتكرر نزول الآية مرة بعد مرة على إثر حوادث متعددة.

٥٢ - * روى البخاري ومسلم عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن قال: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فقلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} قال أبو سلمة سألت جابراً، فقلت له مثل ما قلت لي، فقال لي جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله لعيه وسلم، قال: "جاروتُ بحراءٍ شهراً، فلما قضيت جواري، هبطت، فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرتُ عن شمالي، فلم أر شيئاً، ونظرتُ أمامي فلم أر شيئاً، ونظرتُ خلفي، فلم أر شيئاً، فرفعتُ رأسي، فرأيت شيئاً، فأتيتُ خديجة، فقلت: دثروني، فدثروني، وصبوا علي ماء بارداً، فنزلت {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (١) " وذلك قبل أن تفرض الصلاة.

وفي رواية (٢) "فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي، فنوديتُ فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، فلم أر أحداً، ثم نوديتُ، فنظرت فلم أر أحداً، ثم نوديتُ فرفعتُ رأسي، فإذا هو قاعدٌ على عرشٍ في


٥٢ - والبخاري (٨/ ٦٧٦) ٦٥ - كتاب التفسير - ٧٤ - سورة المدثر.
مسلم (١/ ١٤٤) ١ - كتاب الإيمان - ٧٣ - باب: بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما قضيت جواري: أي محاورتي واعتكافي في الغار. فاستبطنت الوادي: أي: صرت في باطنه، فأخذتني رجفة شديدة: الرجفة: الاضطراب.
(١) المدثر: ١ - ٥.
(٢) مسلم (١/ ١٤٤) ١ - كتاب الإيمان - ٧٣ - باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>