وذلك محمول على ما كان في ابتداء النبوة وهو ما ذكره ابن عباس هنا، أما رواية ابن مسعود التي ذكر فيها اجتماع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجن فتلك حادثة متأخرة سنراها، قال الحافظ في الفتح جامعاً بين نفي ابن عباس وإثبات ابن مسعود (ويمكن الجمع بالتعدد).
قال في الفتح:
وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن وأنهما لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان، فلا يقال لمن آمن منهم إنه شيطان. وفيه أن الصلاة في الجماعة شرعت قبل الهجرة. وفيه مشروعيتها في السفر. والجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وأن الاعتبار بما قضى الله للعبد من حسن الخاتمة لا بما يظهر منه من شر ولو بلغ ما بلغ، لأن هؤلاء الذين بادروا إلى الإيمان بمجرد استماع القرآن لو لم يكونوا عند إبليس في أعلى مقامات الشر ما اختارهم للتوجه إلى الجهة التي ظهر له أن الحدث الحادث من جهتها. ومع ذلك فغلب عليهم ما قضي لهم من السعادة بحسن الخاتمة. أهـ.
وهناك روايات صحيحة تثبت أن الشهب كانت موجودة قبل البعث فلا تعارض بغيرها لذلك قال الزهري في قوله تعالى:{فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}(١) غلظ أمرها وشدد.
قال في الفتح: والشهب عند علماء الكون نيازك تشتعل إذا اصطدمت بالهواء من جراء الاحتكاك.
وإثبات هذا المعنى لا ينفي أن يكون لبعضها آثار على عالم الجن فأن يكون لشيء واحد مظهر حسي وارتباط عيني فذلك جائز كالموت يكون له سبب حسي كالمرض وهو أثر عن نزع الروح كذلك.
ومن فكرة أن اشتعال النيازك إنما يكون بعد ملامستها الهواء، ومن تفسير المفسرين:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} أي قصدناها فُهِمَ أن مقاعد الجن في السماء إنما هي في جو الأرض.
والتشديد في حراسة السماء لا يمنع أن يستمر الجن في المحاولة وأن يسمعوا شيئاً.